ثم ذكر الله عز وجل لنا في هذه الآيات: أنه أنجى موسى ومن معه أجمعين، وأغرق الآخرين، وعقب بالتعقيب الذي سيتكرر ثمان مرات في هذه السورة: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء:8] أي: إن في ذلك الذي سمعتم ورآه بنو إسرائيل قبل ذلك لآية عظيمة من الله سبحانه وتعالى، وحجة وبرهان عظيم على ما نقول: من قدرتنا على إهلاك الظالمين، وإنجاء المؤمنين، ولكن لم يكن أكثرهم مؤمنين، بل أكثر من في الأرض ضالون عن سبيل الله، قال سبحانه: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنعام:116].
قال تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الشعراء:9].
أي: العزيز الغالب القوي الذي لا يقهر، فأهلك فرعون وجنوده، والرحيم بالمؤمنين فأنجى بني إسرائيل، وكأن في ذلك إشارة لهذه الأمة أن الله عز وجل ينجي المؤمنين، ويهلك الكافرين.
وهذه السورة من السور المكية كما ذكرنا قبل ذلك، وقد نزلت في وقت كان المسلون في ضعف، وفي قلة وذلة، وكانوا يؤذون من الكفار ويعذبون، فنزلت هذه الآيات تطمئنهم أنه لن يعمل فيكم أكثر مما عمل في بني إسرائيل، وقد أنجاهم الله عز وجل، وأورثهم الأرض واستخلفهم وكذلك أنتم، فجاء وعد الله ومكن الإسلام والمسلمين.
نسأل الله عز وجل أن يعز الإسلام وأهله، وأن يذل الكفر وأهله.
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمين.