اختلف العلماء في مواضع الضرب هل هو على الظهر فقط أم على الجسد كله؟ والراجح أن الضرب يوزع على الجسد كله؛ لأنه لو كان الضرب على الظهر فقط أو في موضع واحد فكثرة الضرب قد تجرح، ولذا يوزع الضرب على الجسد، ولكن تجتنب مقاتل الإنسان، ويجتنب وجه الإنسان.
وقال العلماء: يجب أن يكون الضرب مؤلماً لا يجرح -أي: لا يشق ويسيل الدم- ولا يبضع -أي: يقطع اللحم-.
قالوا: ولا يخرج الضارب يده من تحت إبطه، أي: لا يرفع يده حتى يظهر إبطه، وهذا هو قول الجمهور، وممن قال بذلك علي وابن مسعود رضي الله عنهما.
وأتي عمر رضي الله عنه برجل في حد، فأتى بسوط بين سوطين، أي: لا هو جديد بشوكه بحيث يجرح ويؤذي، ولا قديم ضعيف بحيث لا يؤثر، وقال للضارب: اضرب ولا يرى إبطك، وأعط كل عضو حقه، أي: وزع الضرب على الجسد، ولا تضرب في مكان واحد فتتسبب في شدة الأذى، ولكن وزع الضرب على الأعضاء.
وأتي رضي الله عنه بشارب فقال: لأبعثنك إلى رجل لا تأخذه فيك هوادة، فبعث به إلى مطيع بن الأسود العدوي لكي يجلده، وقال: إذا أصبحت الغد فاضربه الحد، فجاء عمر رضي الله عنه وهو يضربه ضرباً شديداً، يعني: وعمر ما كان يظن أنه سيضربه بهذه القسوة، فهو يقصد بقوله: (لا تأخذه فيك هوادة) يعني: أنه لن يرحمك على ما ذكر الله عز وجل في الكتاب، وإنما سيقيم الحد بتمامه ولا ينقص فيه، فلما رآه يضربه ضرباً قاسياً، قال رضي الله عنه: قتلت الرجل، كم ضربته؟ قال: ستين، فقال: أقصّ عنه بعشرين، يعني: اجعل بدل الثمانين ستين، ولا تضرب أكثر مما ضربت؛ لأنك أوجعت وقسوت في الضرب.