تفسير قوله تعالى: (إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن له بمؤمنين)

قال الله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون:37]، أي: ما هي وما الشأن والأمر إلا أننا نعيش في هذه الدنيا ثم نموت وما نحن بمبعوثين.

وهنا قدموا ذكر الموت على الحياة، فهل هذا فيه دليل على أنهم يؤمنون بأن بعد الموت حياة؟ لا، هم لا يقصدون هذا؛ لأنهم لو قصدوا ذلك لما قالوا بعد ذلك: ((وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)) لكن المقصود من كلامهم: ((نَمُوتُ وَنَحْيَا)) أنه يموت جيل ويحيا جيل آخر، يموت الآباء ويحيا الأبناء، ويموت الأبناء ويحيا الأحفاد وهكذا، أو (نموت ونحيا) أي: كنا أمواتاً وكنا نطفاً ثم صرنا أحياء، وبعد ذلك نموت ولا بعث بعده، أو على التقديم والتأخير، وأصلها نحيا ونموت، أي: حياة وبعد ذلك موت ولا يكون هناك بعث مرة أخرى.

قال تعالى: {إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ} [المؤمنون:38]، يقولون عن نبيهم صلوات الله وسلامه عليه وعلى نبينا: ((إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ)) أي: (ما هو) فقصر الوصف عليه، أي: أن هذا صفة رجل من الرجال مثله مثلنا، ولكنه مفتر كذاب، والافتراء أشد الكذب، ((إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى)) أي: اختلق وكذب، ((عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ))، وكأنهم يقولون: نحن القدوة ونحن لن نؤمن له، فاتبعونا في هذا الشيء، وافعلوا كما نفعل نحن، فإننا لسنا لَهُ بِمُؤْمِنِينَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015