قال النبي صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده! لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، ويخبره فخذه بما يحدث أهله بعده).
أي: من أشراط الساعة أن الناس إذا قل الإيمان احتاج المؤمن لشيء يثبته، فالله عز وجل يجعل أشياء كهذه علامات للمؤمن تثبته على دينه؛ لأن الإنسان حين يرى أنه لا يوجد حوله إلا الكفر والفسوق والعصيان، فتن في الطريق، وفتن في البيت، يحتاج إلى شيء يثبته، فالله عز وجل يثبته، بأن يرى رؤيا صالحة يثبته الله عز وجل بها، أو يجد حوله بعض المؤمنين الذي يأمرونه بالمعروف وينهونه عن منكر، وما شابه ذلك مما يجعله الله عز وجل تثبيتاً للمؤمنين، والصحابة ما كانوا يحتاجون إلى رؤية أشياء حسية تثبتهم على الدين؛ لأنهم عرفوا الدين، وامتلأت قلوبهم إيماناً به، فلا يحتاجون إلى ذلك، لكن من أشراط الساعة: أن يقل عدد المؤمنين فيحتاج المؤمن إلى شيء يثبته، فيجعل الله عز وجل آيات وكرامات للبعض من المؤمنين، مثال ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس)، سيحدث في يوم من الأيام أن السباع، والبهائم، والأسود، والنمور، والكلاب، تكلم المسلم: افعل كذا ولا تفعل كذا، تأمره بشيء أو تطلب منه شيئاً! فيتعجب المسلم فيكون تثبيتاً له.
وفي الأحاديث أن الجمل ذهب يشكو للنبي صلى الله عليه وسلم، وأن جذع الشجرة الذي كان يقف عليه صلى الله عليه وسلم حين تركه وصعد على المنبر حنَّ وبكى، فقد يأتي أناس فيقولون: لم يصح من هذا شيء، فيجعل الله عز وجل لهم آية من الآيات يعرفون بها صدق ذلك، وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم (يقاتل المسلمون اليهود، وأن الحجر والشجر يقول للمسلم: يا مسلم! ورائي يهودي تعال فاقتله) فقد يتعجب المؤمن من هذا الشيء، فلما يحدث أمام عينيه، ويسمع ذلك؛ يشعر بصدق ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول: (والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه)، السوط هو العصا، فيكلم السوط الإنسان: احذر من كذا! وهذا شيء عجيب جداً، وليس المعنى: أن الإنسان يبحث عنها حتى تحصل له، لا، ولكن لا شك أنه سيكون ما أخبر به النبي صلوات الله وسلامه عليه، وحين نسمع حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذهب إليه اثنان من الصحابة أحدهما أسيد بن حضير رضي الله عنهما، وسهرا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الليل، فلما خرجا من عنده ولم يكن هناك قمر ولا مصابيح، والطريق مظلم، فإذا بالله عز وجل يجعل لهما نوراً أمامهما في سوط أحدهما، فلما افترق الرجلان إذا بكل منهما معه نور في الطريق الذي هو فيه، فقد يجيء إنسان ويقول: هذا لا يكون، أما المؤمن فإنه يصدق ولا يحتاج إلى شيء إذا صح الحديث، ولكن المشككون الذين يقول أحدهم: أرد الحديث لأن عقلي لا يقبله، فيجعل الله لهم آية كهذه الآية حتى يعلموا أن عذاب الله صدق، وأن الذي قاله النبي صلى الله عليه وسلم حق.
يقول في هذا الحديث: (حتى يكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، ويخبره فخذه بما يحدث أهله بعده) أي: أنه حين يصل إلى بيته رجله تتكلم، وفخذه تتكلم: حصل كذا وكذا في بيتك.
وهذا عجب من العجب، ولكن سيكون ما أخبر به النبي صلوات الله وسلامه عليه قطعاً ولا نشك في ذلك أبداً.
نسأل الله عز وجل أن يثبتنا على الإيمان حتى نلقاه به.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.