قال سبحانه: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج:78] يعني: دين الإسلام هو ما كان عليه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وكأنه يقول على وجه الإغراء: الزموا ملة أبيكم إبراهيم وكونوا على ما كان عليه من الدين الحنيف.
ثم قال: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج:78]، هنا كأن قوله سبحانه: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ} [الحج:78]، جملة معترضة وكأن الأصل قوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج:78]، فالله سبحانه بفضله وبكرمه شرف هذه الأمة بأن سماهم أمة الإسلام.
فكان إبراهيم عليه الصلاة والسلام على الإسلام وكذلك هذه الأمة.
أما غيرها من الأمم فقد سميت بعضها باليهودية، والأخرى بالنصرانية وهكذا، أما هذه الأمة فقد اختار الله لها هذا الاسم الذي دعا إليه الأنبياء عليهم الصلاة والسلامة أقوامهم فقال أحدهم: {وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:90]، وقال: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [يونس:72].
قال تعالى: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ} [الحج:78] يعني: أن الله عز وجل سماكم المسلمين، وشرفكم بذلك، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره قال: (فادعوا بدعوى الله الذي سماكم: المسلمين المؤمنين عباد الله).
وأعظم وأجمل تسمية للإنسان أن يسمى مسلماً ولا يتسمى بأي شيء آخر، لأن الله هو الذي اختار هذا الاسم لهذه الأمة.
قال: (وفي هذا)، يعني: وفي حكمه أن من اتبع ملة محمد صلى الله عليه وسلم فهو من المسلمين.