قال الله تعالى: {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية:37] له الكبرياء سبحانه، يذكر الكبرياء والعز، يقول: العز إزاري، والكبرياء رداءي، فمن نازعني فيهما أدخلته النار، فالله وحده الذي له الكبرياء، والله وحده الذي له العزة، والله يحكم فلا أحد يقدر أن يرفض ما يحكم به الله عز وجل، وإن أظهروا بألسنتهم، فإذا حكم وقدر الله عز وجل فلا بد أن يكون ويمضي على ما أراده الله عز وجل، فلا يقدر إنسان أن يقول: أنا لا أريد المرض! {فَالله يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ} [الرعد:41]، وليس المراد هنا أمره بالشيء {كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة:117]، وإنما جعل الله أموراً شرعية العمل بها عباده، فأمر بالصلاة شرعاً لا أمراً، ولو كان الأمر كذلك لكان كل الخلق مسلمين مصلين، لكن جعل لهم اختياراً ومشيئة، فمن شاء أن يسلم فليسلم، ومن شاء ألا يسلم فلا يسلم، ومن شاء أن يؤدي الفرائض فليفعل، ومن شاء ألا يؤديها فلا يفعل، فإذا جاء أمر الأقدار في الاختيار، جاء القدر من الله عز وجل الذي يكون ويمضي على خلقه، فهو العزيز الغالب الذي لا يمانع إذا قضى وقدر سبحانه تبارك وتعالى.
وهو الحكيم الذي يحلم عن عباده لحكمة منه، ويعاجل بالعقوبة لحكمة منه، ويصبر عن عباده ويؤخر العقوبة لحكمه منه، ينزل الكتاب لحكمة منه، يختار من خلقه من يشاء بحكمه منه، فله الحكمة العظيمة البالغة.
((وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ)).
أي: له العظمة، وله الجلالة، وله البقاء، وله السلطان الدائم، وله الحكم سبحانه تبارك وتعالى، وله القدرة والكمال، {وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجاثية:37]، نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن ينجينا من ناره، وأن يجعلنا من أهل جنته.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.