قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ} [الجاثية:32].
فهؤلاء المجرمون إذا ذكروا بالله سبحانه، ((وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ)) أي: إذا قال لكم رسولكم، وهذا على البناء للمجهول، وفيها قراءتان: ((وَإِذَا قِيلَ)) الأولى: البناء للمجهول، وهي قراءة الجمهور ((وَإِذَا قِيلَ))، الثانية: (قُيل) يعني: للدلالة على أنه مبني للمجهول، فكأنه أتى بإشمام الضمة في أولها لبيان أن الفعل مبني للمجهول، وقرأ بهذه هشام والكسائي ورويس عن يعقوب.
((وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا)) أي: إذا قال لكم المؤمنون، إذا قال لكم الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: ((وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ)) أي: ما وعدكم، وما ذكر لكم إن أنتم آمنتم دخلتم الجنة، وإن كفرتم دخلتم النار.
((وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا)) هذه فيها قراءتان: ((وَالسَّاعَةُ)) بالضم، وهي قراءة الجمهور، وكأنه معطوف على ما قبلها: ((إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ))، إذا قيل: الساعة لا ريب فيها، فيكون عطف جملة على جملة، أو عطف على الحق الذي قبله، والقراءة الثانية: ((وَالسَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيهَا))، كأنه عطف على اسم إن السابقة، وهذه قراءة حمزة.
((وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ)) وهذا الاستفهام منهم هو للإنكار، والبعد والنفور عما يدعوهم إليه الرسول عليه الصلاة والسلام.
((مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ)) أي: لا نعرفها، فرد الكافر رد فاحش: ((قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)) أي: إن نتوهم وقوعها إلا توهماً مرجوحاً، فنحن لا نعتقد فيما تقول، وإنما نتشكك في الكلام الذي تقوله: ((وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ)) أي: بمتحققين.