يقول الله سبحانه تبارك وتعالى: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ} [الزخرف:72]، إذا دخل أهل الجنة الجنة يقال لهم: تلك الجنة، و (تلك) اسم إشارة للبعيد، والجنة عظيمة يشار إليها باسم الإشارة البعيد للدلالة على عظمتها، وإن كانت هي قريبة وأهلها فيها.
قال تعالى: (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعلمون) ورثهم الله عز وجل الجنة، وكانوا في الدنيا يعملون لها، فلما عملوا استحقوا الجزاء، فورثوا هذه الجنة فكأنهم هم الذين يرثون غيرهم ممن ضاعت منهم هذه الجنة بكفرهم وجحودهم لربهم سبحانه تبارك وتعالى.
وكل إنسان كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم له موضعان: موضع في الجنة، وموضع في النار، فإذا أنعم الله عز وجل عليه بالجنة، يقال له: انظر هذا موضعك من النار لو كنت عصيت الله، ادخل موضعك في الجنة، فيدخل الجنة ويفرح أشد الفرح حين يرى مكان العذاب وأنه أفلت منه! وأهل النار يقال لهم: هذا موضعكم في الجنة لو كنتم أطعتم الله سبحانه، ادخلوا النار، فيدخلون النار.
وأماكن أهل الجنة التي كانت في النار يأخذها الكفار الذين دخلوا النار والعياذ بالله، والعكس، أماكن هؤلاء لو كانوا أطاعوا ودخلوا الجنة حرموا منها بكفرهم، فيأخذها ويرثها المؤمنون، فيقال لهم: {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف:72]، هذه قراءة الجمهور، وقرأها بالإدغام أبو عمرو وابن عامر وخلف وابن ذكوان ((أورثتّموها)) وكذلك حمزة والكسائي يقرءونها بإدغام الثاء في التاء ((أورثتّموها بما كنتم تعملون)).