ذكروا أن هذه الآية نزلت في أمر رجلين من الكفار وإن كان العبرة بعموم اللفظ ولكن من ضمن هؤلاء كان رجلان من المشركين أمية بن خلف الجمحي وعقبة بن أبي معيط خليلين، وكانا متصادقين متصاحبين متحابين على كفرهما، وكان عقبة بن أبي معيط يذهب ويستمع إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه، يسمع منه وهو يتلو القرآن ويأمر وينهى صلوات الله وسلامه عليه ويأمرهم بطاعة الله، وينهاهم عن الشرك بالله.
فلما ذهب الرجل مرة واثنتين وثلاثة يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم إذا بصديقه أمية بن خلف لعنة الله عليهما يقول: وجهي من وجهك حرام إن لم تقطع مجلسك.
يعني: إذا كنت أنت تحبني اقطع مجلس النبي صلى الله عليه وسلم، بل وأمره أن يذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأن يتفل في وجهه عليه الصلاة والسلام.
فإذا بالآخر يفعل ما أمره به صديقه، ونذر النبي صلى الله عليه وسلم قتل عقبة بن أبي معيط، ولما فتح مكة أمر بقتله حتى وإن كان متعلقاً بأستار الكعبة فقتل قبل ذلك، وأما أمية بن خلف قتله النبي صلوات الله وسلامه عليه، وأما الآخر هو عقبة بن أبي معيط قتله المسلمون، ونزلت فيهما هذه الآية: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67].
إذاً: هذا كان خليلاً لهذا وأمره بهذا المنكر فإذا بالله عز وجل يقتل الاثنين في الدنيا ويجعلهما أعداءً يوم القيامة، قال تعالى: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف:67].
إذاً: الخليل مع خليله إذا كانا مؤمنين، إنسان يحب الآخر في الله ينتفع به يوم القيامة، وكل من الاثنين يجعل الله عز وجل له درجة في الجنة ويجمعهما، ولعل أحدهما يكون أقل من الآخر في العمل، ولكن بالتحاب في الله يجعل الله عز وجل من هو أدنى مع من هو أعلى.
أما من كانت التواد والمودة بينهم في الدنيا لأمر الدنيا فهؤلاء يتعادون يوم القيامة، وبعضهم لبعض عدو إلا من اتقى الله سبحانه وتعالى.