قال الله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الأَرْضِ يَخْلُفُونَ} [الزخرف:60] لما قال مشركوا قريش عن النبي صلوات الله وسلامه عليه: هذا رجل من البشر مثلنا فلم بعثه الله رسولاً؟ قال الله عز وجل: لو نشاء لجعلنا ملكاً رسولاً، ولكن شئنا أن يكون بشراً من البشر، وليس لأحد أن يعترض على مشيئة الله.
ثم قال تعالى: ((وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)) [الزخرف:61] قوله: (وإنه) أي: المسيح عليه الصلاة والسلام، ((لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ)) يعني: أن به تُعْلَمُ الساعة وقرب قيامها، وذكرنا قبل ذلك: أن من العلامات الكبرى للساعة أن يخرج المسيح الدجال وينزل المسيح عيسى بن مريم فيقتل الدجال، ثم تتابع علامات الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، وتقوم القيامة بإذن رب العالمين.
قال سبحانه: ((وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ)) أي: لا تشكن في قيام الساعة، ((وَاتَّبِعُونِ)) أي: واتبعوا كلام رب العالمين، واتبعوا صراط الله المستقيم، واتبعوا دين الله سبحانه، {هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} أي: هذا الدين الذي جاء من عند رب العالمين هو صراط قويم مستقيم من عند رب العالمين، يدل الناس على طريق الله، التي بها يصل العبد إلى جنة الله سبحانه.
ثم قال تعالى بعد ذلك: {وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الزخرف:62] أي: أن ربنا سبحانه يحذرنا من الضلال عن طريق الله، الذي دعا إليه المسيح ومن قبله من الرسل، ودعا إليه النبي صلوات الله وسلامه عليه، فهو الصراط المستقيم والدين القويم.
فقوله: ((وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ)) أي: احذروا من الشيطان أن يصدكم عن اتباع الحق، ((إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)) أي: هو مفصح ومظهر للعداوة لكم، وقد سمعتم ما في كتاب الله عز وجل من آيات يخبركم الله كيف تسبب الشيطان في إخراج أبيكم آدم من الجنة، فهو عدو عداوته ظاهرة، وهو قد أبان لكم وأظهر ووضحت عداوته لكم حين أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما، فلا تغتر بوساوس الشيطان وبشبهاته، وبجدال المجادلين في كلام رب العالمين.