قال الله تعالى: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت:3] أي: هذا الكتاب كتاب قد فصلت آياته، فسماه الله عز وجل القرآن وسماه الكتاب، فهذا القرآن العظيم كتاب مكتوب جاء من عند رب العالمين سبحانه، حفظه النبي صلى الله عليه وسلم وحفظه المؤمنون.
قوله: (كتاب فصلت) أي: فيه التفصيل وفيه التبيين.
قوله: (فصلت آياته قرآناً عربياً) أي: نزل قرآناً عربياً على هذا الحال، حال كونه فصله وبينه وفسره ووضح لنا ما نحتاج إليه، فهو سبحانه بين فيه الحلال والحرام، وبين الطاعة من المعصية، وبين فيه الوعد والوعيد، وذكر فيه الجنة والنار، فكلما قرأت فيه استفدت منه ما يريده الله عز وجل لك وبك.
قوله: (كتاب فصلت آياته قرآناً عربياً) أي: في حال كونه قرآناً مقروءاً يقرأ، جمع في كتاب وجمع في الصدور، وأصل القرء بمعنى: المجموع، وقرأت الشيء يعني: جمعته فتلوته، وهذا القرآن المجموع في هذا الكتاب المحفوظ في صدور المؤمنين الذي يتلونه بلسان عربي مبين.
قوله: (قرآناً) فيها قراءتان: قراءة ابن كثير بالنقل: (قراناً عربياً)، كذلك إذا وقف عليها حمزة يقف كـ ابن كثير: (قراناً)، لكن مع الوصل لـ حمزة يقرأ: (قرآناً) وإن كان له السكت فيها أيضاً.
قوله: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت:3] أي: نزل القرآن على العرب الذين يعرفون هذه اللغة، ولم ينزل على أعاجم لا يفهمون، فالعرب يعلمون ما في هذا القرآن من معان، وما فيه من فصاحة وبلاغة، وما فيه من أحكام الله سبحانه وتعالى، ومع ذلك فهو معجز، ولا أحد من البشر يقدر أن يأتي بمثله، فيعلمون أنه لا يأتي بمثله إلا الله سبحانه وتعالى، ولا يتكلم بهذا الكلام العربي المبين إلا الذي جاء به من عند رب العالمين سبحانه وتعالى.
فقوله: (لقوم يعلمون) أي: يعلمون هذه اللغة العربية، ويعلمون أنه إله واحد لا يستحق العبادة غيره سبحانه وتعالى، فنزلت هذه الآية تقريعاً وتوبيخاً لقريش، يعني: أنتم تفهمون ولستم جهلاء ولا أغبياء، فهذا كلام رب العالمين بلغتكم، عرفتم فصاحته وبلاغته فما الذي منعكم أن تؤمنوا به؟!