إذا سأل العبد ربه فليسأله وهو موقن بالإجابة، وليسأل سؤال المضطر العاجز المحتاج إلى ربه سبحانه وتعالى، وليري الله تعالى من نفسه الذل والمسكنة والحاجة والعجز، فيقول: يا رب! إني فقير فأغنني، إني ضعيف فقوني، إني ذليل فأعزني، فهذا جدير أن يستجيب الله عز وجل له.
ولذلك فإن الإنسان الذي يتكبر في سؤاله ربه فيقول: يا رب! أعطني كذا إن شئت، أو إذا أردت أن تعطيني فأعطني، وكأنه يخاطب إنساناً مثله، فهذا دليل الكبر الذي عند الإنسان وعدم الحاجة إلى الله عز وجل، فهذا لا يستحق جواباً من الله عز وجل؛ لأنه يعلق عطاء الله عز وجل واستجابته على المشيئة، بل ليعزم المسألة وليطلب من الله عز وجل وهو متيقن أنه الرب القادر العظيم سبحانه وتعالى، أما إذا علقت الدعاء بالمشيئة فإن الله لا يقبل ذلك، فقد يطلب الإنسان من الآخر ذلك ويعتبره نوعاً من الاحترام، وهذا من البشر؛ لأن الإنسان بطبيعته متكبر متعال، فيحتاج من الآخر أن يلتمس منه ويرجوه ويتلطف معه في الطلب، فإذا كان هذا الإنسان كريماً أنف هذا الشيء في البشر فكيف بالخالق العظيم سبحانه وتعالى؟! فهذا الأمر لا يقال للكريم سبحانه؛ ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، وليعزم المسألة فإنه لا مكره له).
إذاً: فلتعزم المسألة راغباً من ربك فيما عنده، راهباً مما عنده، موقناً بإجابته، فلا أحد يكره الله عز وجل على شيء، عياذاً بالله.
قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، إذاً: اطلب من الله عز وجل، ووحد ربك سبحانه وتعالى، وأكثر من ذكره سبحانه وتعالى، وادع إليه سبحانه، ولذلك لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: (إلام تدعو؟ قال: أدعو إلى الله الذي إن مسك ضر فدعوته كشفه عنك)، إذاً: فالنبي صلى الله عليه وسلم يدعو الخلق إلى عبادة الله سبحانه وتعالى أن يذكروه ويشكروه ويتوجهوا إليه بالعبادة وحده لا شريك له.