وحتى يستجاب للإنسان: فعليه أن يطيب مطعمه ومشربه وكسوته ورزقه الذي يأخذه؛ لكي يستجيب الله عز وجل لدعائه، ولذلك جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم وغيره من حديث أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس! إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [المؤمنون:51]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172]، ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب!) إنسان مسافر سفراً طويلاً (أشعث)، أي: أن شعره غير مرتب من طول السفر، فهو لا يجد وقتاً ليمشط فيه شعره، (أغبر) أي: ممتلئ بالتراب وغبار الطريق، فهذا الإنسان على هذه الهيئة هيئة المسكين الذليل التعبان المنهك الذي يدعو ربه، فهو بهذه الحال حري أن يستجيب الله عز وجل له، ولكن هذا الإنسان الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم لا يستجيب الله له؛ والسبب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له)، أي: إذا كان هذا يأكل الحرام ويمد يده على أموال الناس يأخذها ويأكلها ولا يتحرى الحلال فيأخذ منه، وكذلك مشربه وثيابه، فهو يسرق ويلبس ويغتصب ويشتري الشيء دون أن يدفع ثمنه، أو يلبس الحرير أو الذهب أو ما حرم الله سبحانه وتعالى.
قال: (وغذي بالحرام)، إذاً: فهذا الإنسان يشبع بطنه من الحرام ثم يقول: يا رب! يا رب! فهذا بعيد من الله سبحانه وتعالى، قال: (فأنى يستجاب له)، أي: كيف ينتظر الإجابة من الله سبحانه وهو قد أبعد نفسه عن ربه بهذا الحرام؟