بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة غافر: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [غافر:7 - 9].
يخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات من سورة غافر عن فضله وكرمه سبحانه بأن جعل الملائكة الذين هم أشرف الخلق عند الله عز وجل -وهم حملة العرش- يسبحون بحمد ربهم سبحانه، (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا).
فالمؤمن يعمل العمل الصالح ويرجو فضل الله سبحانه، وقد يقع في المعاصي ثم يتوب ويرجع إلى الله عز وجل، ويستغفر ربه، والله يغفر ويتوب عليه سبحانه، والملائكة تستغفر له أيضاً، وأشرف وأعظم ملائكة الله عز وجل هم حملة العرش الذين يستغفرون للمؤمنين.
روى أبو داود عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله من حملة العرش أن ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام)، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه، هذه المسافة الصغيرة التي لا تتجاوز عدد قليل من السنتيمترات في الإنسان، وفي ملك من ملائكة الله عز وجل من حملة عرش الرحمن سبحانه تصل إلى مسافة سبعمائة عام، فكيف بباقي جسد هذا الملك؟! فحملة عرش الله يسبحون بحمد ربهم، ويقدسونه، وينزهونه عن كل نقص سبحانه وتعالى، فيسبحون الله ويحمدونه ويؤمنون به، وأيضاً من وظيفتهم: أن يستغفروا للمؤمنين.