الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في آخر سورة الزمر: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر:73 - 75].
هذه الآيات الجميلة العظيمة يختم بها الله عز وجل هذه السورة الكريمة سورة الزمر، بذكر الجنة وأهلها، وكيف يدخلونها، وكيف يستبشرون فيها، وكيف يحمدون ربهم سبحانه وتعالى.
قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر:73]، ذكر ربنا قبل ذلك أهل النار وكيف أنهم يساقون إلى النار فيدعون إليها دعاً، ساخراً منهم بقوله: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [يس:63]، وقوله: {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ} [الطور:14]، فهذه النار سيق أهلها إليها، فأخذوا وأدخلوا فيها، وأقحموا فيها، ودفعوا فيها دفعاً.
ثم قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر:73] هذا السياق غير السياق السابق، فأهل الجنة على مراتب، وتقودهم الملائكة وتسوق نجائبهم فيدخلون الجنة، وتنادي عليهم أبواب الجنة: ادخلوا من هنا، فمنهم من ينادى من باب، ومنهم من بابين، ومنهم من ثمانية أبواب، فأبواب الجنة ثمانية كما جاء في حديث النبي صلوات الله وسلامه عليه، وأبواب النار سبعة أبواب كما ذكر ذلك الله سبحانه وتعالى في كتابه.
وقوله: (زُمَرًا) أي: جماعات.
قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر:73].
قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا): أي: وصلوا إلى أبواب الجنة.