تفسير قوله تعالى: (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين)

قال الله تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الزمر:66]، قوله: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ}، قدم المفعول على الفعل للاختصاص، والأصل اعبد الله، قال تعالى: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:59]، فقدم هنا الفاعل على المفعول، وهذا نوع من التفنن في سياق الألفاظ والكلمات، والأمر الثاني: اختصاص المفعول حين يقدم مثل أن تقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة:5]، يعني: ليس غيرك ولا أحد معك أعبده، وإنما أنت وحدك لا شريك لك أعبدك وأستعين بك، وهنا قال: {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ} يعني: اعبد ربك وحده لا شريك له سبحانه.

قوله: {وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}، يعني: كن ممن يشكرون الله سبحانه وتعالى، اشكر ربك أن هداك إلى هذا الدين، واشكر ربك أن ثبتك على التوحيد، واشكر ربك أن هداك إلى الشريعة العظيمة ووفقك للعمل بها، واشكر ربك على أن استجاب إليك من الخلق من شاء الله سبحانه وتعالى، فيكون لك أجور من اتبعك يوم القيامة على هذا الدين العظيم، فاشكر ربك.

فإذاً: أخبرنا سبحانه أنه من يشرك به يحبط عمله، ومن يعبده ويشكره يزيده الله سبحانه من نعمه، والشكر يستحق عليه العبد الزيادة من الله سبحانه، قال سبحانه: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم:7]، والعكس {وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم:7].

والشكر شكر النعمة، والكفر جحود هذه النعمة، وكأن الكفر منه كفر بالله سبحانه ومنه كفر جحود لنعمة الله سبحانه وتعالى؛ لأن العبد قد يشكر نعمة من نعم الله ويتناسى نعماً كثيرة منه سبحانه وتعالى لم يشكرها، فكأنه جحدها وكأنه كفرها وسترها فلم يشكر ربه سبحانه وتعالى عليها.

فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم وللناس بالتبع: {وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015