عندما يتيقن الكافر بفداحة خسارته يوم القيامة يتمنى الهداية حين لا هداية والعودة حين لا عودة، قال تعالى: {أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر:57] يقول الكافر مخاطباً نفسه يوم القيامة: كنت أسخر وأضحك من المؤمنين، وأسخر من المصلين، وأسخر من أهل التوحيد، وكنت أستهزئ بهم، وغيره ممن على ملته يقول: ((لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي)) أي: ليت الله هداني، فلو هداني: ((لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ))، وقوله كلمة حق هو مبطل فيها، إذ إن الله سبحانه تبارك وتعالى قد هداه ودله على طريق الإيمان، لكنه أبي وتنكب؛ ولذا يوم القيامة يجد الإنسان أنه هو الذي ظلم نفسه، فيقول: ليت أن الله هداني! يريد الهداية بمعنى: التحويل وكأنه يقول: يا ليت أن الله حولني من الضلال إلى الهدى، وحينها يُسأل: هل أعطيت من نفسك ما تستحق عليه الهداية أم أنك أنت الذي فرطت وقصرت وأعرضت عن المؤمنين وعن دعوة رسول رب العالمين عليه الصلاة والسلام؟! ولذا يتحسر على نفسه يوم القيامة.
ومعلوم أن كلمة: (لو) في الدنيا تفتح عمل الشيطان، أما في الآخرة فإن الإنسان ييئس من هذه الكلمة، وإن كررها فهو من أهل النار والعياذ بالله، وذلك جزاء بما قدم قال تعالى: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر:56 - 57] أي: لكنت عملت ما أتقى به رب العالمين، وكنتُ اتقيت المعاصي والذنوب، ولكنه لم يفعل ولذا لا ينفعه قوله حين يقول: {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [الزمر:57].