قال تعالى: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس:3]، يقول ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقسم له سبحانه بكتابه الحكيم إنه لمن المرسلين.
وإذا قال له ربه سبحانه: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس:3] كفى، ولكن يقسم له سبحانه لإزالة أي شك وريب في قلوب الناس، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فلا شك في قلبه فإن جبريل يأتيه بهذا القرآن العظيم فلا يحتاج إلى التوكيد، وإنما يحتاج إلى التوكيد أتباع النبي صلى الله عليه وسلم والناس.
فقوله: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [يس:3] أي: رسول ونبي صلوات الله وسلامه عليه، نبي نبئ بالغيب عليه الصلاة والسلام، ورسول نزلت عليه شريعة من عند الله رب العالمين، وكل رسول نبي، ولكن ليس كل نبي رسولاً، فالنبي أعم والرسول أخص.
الرسول صاحب شريعة يأتي بكتاب من عند الله يحكم الناس به، والنبي يحكم بشرع من كان قبله، فهو متابع منبأ بغيب من عند الله، ولكن لم يختص برسالة، ورسل الله عليهم الصلاة والسلام أقل عدداً من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام.
قال تعالى: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يس:3 - 4] أي: يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر: ((إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ))، ويخبر بخبر ثان: إنك ((عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))، والصراط: الطريق الذي يوصل بين شيئين والمعنى: إنك على طريق مستقيم من عند الله سبحانه.
والمعنى الآخر لقوله تعالى: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يس:3 - 4] أي: من المرسلين الذين أرسلوا على صراط مستقيم، فكأن المعنى هنا: إنك يا محمد! على طريق الرسل الذين كانوا من قبلك، فهؤلاء على طريق الله وأنت على طريقهم، والكل يدعو إلى الله سبحانه وتعالى.
((عَلَى صِرَاطٍ)) تقرأ بالصاد وتقرأ بالسين وتقرأ بالزاي.
أفيقرؤها قنبل عن ابن كثير وكذلك رويس عن يعقوب: (عَلَى سِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) بالسين.
ويقرؤها خلف عن حمزة: (على زراطٍ).
ويقرأ باقي القراء بالصاد المكسورة: ((عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)).