المياه نعمة من الله سبحانه وتعالى يشربها الإنسان ويتطهر بها، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان:48] أي: لنطهركم به، وليثبت الله عز وجل به أقدام المؤمنين، وليحيي به الأرض بعد موتها.
فالله جعل من هذا الماء كل شيء حي، وجعل لك الماء لتغتسل به وأنزله من السماء لتشعر بالبرد، إذ لولم ينزل هذا الماء من السماء لوجدت الحر الشديد، ووجدت العطش الشديد، ولكن الله سبحانه تبارك برحمته يخزن لك هذا الماء في المياه الجوفية في باطن الأرض، وتخرج على الناس العيون والأنهار فيشربون منها، وانظر إلى رحمته سبحانه في تلطيف الجو الذي أنت فيه عن طريق الأشجار، حيث أن هذه الأشجار تأخذ المياه من الأرض، ثم يأتي حر الشمس فيجعل الماء يتبخر من الأشجار، وهو ما يسمى بعملية النتح، ويقول أهل العلم: إن شجرة واحدة قد تنتح في اليوم العادي ما يقارب من خمسمائة لتر من الماء، فربنا قد جعل لك تكييفاً في الأرض من الأشجار التي حولك عن طريق عملية النتح، حيث يخرج الماء من مسام في أوراق الشجر والنبات، ويجعل الله عز وجل هذا الماء بقدر، ولذلك لما نقارن بين النباتات الموجودة في البلدان والنباتات الموجودة في الصحراء نجد أن عدد المسام في الأوراق والنباتات الموجودة في البلد غير الموجودة في الصحراء، فالتي داخل البلد يكون عدد المسام فيها كبير ويخرج منها مياه أكثر من التي في الصحراء، إذ تخرج التي في الصحراء كمية أقل؛ لكي تعيش فترة أطول في مكانها التي هي فيه، فهذا الماء يصرفه الله عز وجل كيف يشاء في خلقه، ويجعل منه سبحانه وتعالى الروح والرحمة.