الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب:41].
أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين في هذه الآية أن يذكروا الله سبحانه وتعالى ذكراً كثيراً، فقال: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)).
والمؤمن يذكر الله حتى يذكره الله.
لا تنس ربك، لا تنس ذكر الله، تذكر أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلقك، وهو الذي يرزقك، وهو الذي يتوفاك ويحاسبك، فأكثر من ذكره سبحانه وتعالى.
فقوله: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا)).
ذكر الله يكون في الصلاة وفي غير الصلاة، تذكر الله سبحانه في كل أحوالك، وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه يقوم ويصلي من الليل ويقول: (يا أيها الناس اذكروا الله، جاءت الراجفة، جاء الموت بما فيه، وأزفت الآزفة، جاءت الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه) فيأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الثلث الأخير من الليل بذكر الله سبحانه وتعالى، ويخبرهم أن الموت آتيكم، كما قال الله سبحانه: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} [النحل:1] فأخبر بالماضي على الشيء الذي سيكون؛ لتأكيد مجيئه وإتيانه، فالموت آت آت.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أكثروا ذكر هادم اللذات، فإنه ما ذكر في سعة إلا ضيقها، ولا ذكر في ضيق إلا وسعه).
الموت عجيب أمره، الموت قدره الله سبحانه وتعالى على العباد، ولابد أن يكون في بال كل إنسان وفي قلبه، فيذكر الله سبحانه ويذكر أنه راجع إليه فذكره ربه سبحانه ينفعه، وصلاته وصومه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ينفعه.
قال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إبراهيم:27].
فالإنسان الذي يعتاد ذكر الله سبحانه يثبته في وقت وفاته، ويجعله يقول: لا إله إلا الله ويثبت عليها، ويبشره الله سبحانه حتى يتوفاه على هذه الكلمة الطيبة.
لذلك ينظر المؤمن أمامه وينظر في غده، وينظر أنه سيلقى الله يوماً من الأيام، فليعمل لهذا اليوم من الآن ولا يسوف، ويقول: غداً أفعل غداً أفعل، لعل الغد لا يأتي عليه، ولعله يأتي عليه وهو غير قادر على العمل، فلذلك هنا نكثر من ذكر الله، فإن ذكر الله يعين على فعل الطاعات، وذكر الله يعين على اجتناب المحرمات.