ذكرنا في الأحاديث السابقة أنَّ عدد نساء النبي صلى الله عليه وسلم اللواتي جمع بينهن تسعةٌ من النساء، وذكرنا في الحكمة من ذلك: أن النبي صلوات الله وسلامه عليه جعل له ربه ما لم يجعل لغيره لحكمة من الله سبحانه وتعالى، وأعظم شيء في ذلك: التبليغ، قال الله سبحانه: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب:34].
وامرأة واحدة لا تكفي لتبليغ هذا الدين العظيم مع كثرة عدد المؤمنين والمؤمنات الذين يسألون النبي صلى الله عليه وسلم، ويسألون نساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد مات النبي صلى الله عليه وسلم وعاش بعده نساؤه، فمنهن من عاشت حتى سنة خمس وأربعين، ومنهن من عاشت إلى سنة ثمانية وخمسين أو تسعة وخمسين أو بضع وستين.
إذاً: عشن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أعواماً طويلةً، فبلغن دين الله سبحانه، ولو كانت امرأةً واحدة لكانت عرضة للنسيان، فتنسى ما يتلى في بيتها، وتنسى بعضاً من الأحكام، ولكن عدداً من النسوة تذكر إحداهن الأخرى بأحكام الله سبحانه وتعالى وبما قاله النبي صلى الله عليه وسلم.
وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم هن: السيدة خديجة بنت خويلد وسودة بنت زمعة وعائشة وحفصة بنت عمر وأم سلمة وأم حبيبة بنت أبي سفيان وزينب بنت جحش وزينب بنت خزيمة وكنيتها أم المساكين، وجويرية بن الحارث المصطلقية وصفية بنت حيي بن أخطب وريحانة بنت زيد بن عمرو بن خناقة من بني النضير سباها النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقها وتزوجها في سنة ست وماتت في حياة النبي صلوات الله وسلامه عليه.
والسيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في مكان اسمه سرف على بعد عشرة أميال من مكة، وكان ذلك في سنة سبع من الهجرة، وهي آخر امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، تزوجها في سرف وماتت في نفس المكان، وصلى عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: عبد الله بن عباس رضي الله تبارك تعالى عنه، ماتت في سنة إحدى وستين للهجرة وقيل: في سنة ثلاث وستين، فعمرت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وخمسين سنة، أو واحداً وخمسين سنة تدعو إلى الله عز وجل وتبلغ ما أمرها الله سبحانه بإبلاغه.
وجل النساء اللاتي تزوجهن النبي صلى الله عليه وسلم منهن من ماتت في حياته عليه الصلاة والسلام، ومنهن من مات عنها صلى الله عليه وسلم، فكان عدد من اجتمعن معه في وقت واحد تسع نسوة رضي الله تبارك وتعالى عليهن.