قصة إبراهيم مع أهل بيت ولده إسماعيل عليهما السلام

إنَّ في قصة سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام لعبرة، وذلك حين ترك إسماعيل مع أمه هاجر عند بيت الله المحرم، تركها ومعها سقاء فيه ماء، وجراب فيه تمر، وتركها في مكان قفر لا ناس فيها، فقالت: يا إبراهيم إلى من تتركنا؟ فتركها وانصرف عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله أمره بذلك سبحانه، فلما ألحت عليه في النهاية قالت: آلله أمرك بذلك؟ قال: نعم.

قالت: إذاً: لا يضيعنا.

فوثقت في الله سبحانه فلم يضيعها الله سبحانه وتعالى، فلما نفد تمرها وماؤها وخشيت أن يموت ولدها في هذا المكان استغاثت بربها فأغاثها سبحانه بأن أرسل جبريل وبحث بعقبه فكانت عين زمزم التي نعرفها، ويشرب الآن منها ملايين الخلق منذ أن أنشأها الله سبحانه وتعالى وحتى تقوم الساعة.

ولما شبَّ إسماعيل النبي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، تزوج امرأة من جرهم، وجاء إبراهيم ليطالع تركته، فرأى امرأة، فعلم أنها امرأة ابنه إسماعيل، فسألها عن عيشهم وحياتهم، فقالت: نحن في ضيق.

فمثل هذه المرأة التي تعيش على هذا الأمر من التضجر على الله سبحانه والرفض لقضاء الله وقدره لا تصلح أن تكون زوجةً لنبي ورسول.

فقال إبراهيم: (إذا رجع زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه) وانصرف إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وجاء إسماعيل وأحس بشيء فسألها: (أتاكم أحد؟ قالت: نعم شيخ صفته كذا وكذا، قال: أوصاك بشيء؟ قالت: نعم.

يقول لك: غير عتبة بابك.

قال: أنت العتبة اذهبي إلى أهلك) فطلقها وتزوج غيرها عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.

وجاء إبراهيم مرةً أخرى يطالع تركته فوجد هذه المرأة فسألها: (كيف عيشكم؟ قالت: نحن بخير.

قال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم وسقاؤنا الماء.

قال: اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم) فبارك الله عز وجل لهم في طعامهم وشرابهم، ولم يكن لهم شيء من الزروع، ولو كان لهم زروع لبارك الله عز وجل في هذه الزروع.

فعلى ذلك ذكر لنا النبي صلى الله عليه وسلم كيف أن المرأة لما سخطت جوزيت بأنها لا تصلح أن تكون امرأة نبي فطلقها إسماعيل عليه الصلاة والسلام، أما الأخرى لما رضيت بقضاء الله سبحانه وتعالى قال لها يوصيها: (إذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له: أمسك عتبة بابك، فجاء إسماعيل فسألها: فقالت: جاء شيخ صفته كذا وكذا.

قال: هذا أبي فقال: هل أوصاك بشيء؟ قالت: نعم.

يقول: أمسك عتبة بابك.

قال: أنت العتبة، فأمسكها إسماعيل عليه الصلاة والسلام).

إذاً: امرأة النبي لا بد أن تكون صابرة قانتة لله سبحانه، مطيعة لربها ونبيها عليه الصلاة السلام.

كذلك نساء النبي صلى الله عليه وسلم لا بد لهن من ذلك، وإن لم يكن ذلك فلا يصلح أن يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء التخيير من الله، وهو ليس تطليقاً لهن، ولكن إن اختارت نفسها طلقها النبي صلى الله عليه وسلم ومتعها بمال، وإن اختارت ربها ورسول الله صلى الله عليه وسلم والدار الآخرة فالله عز وجل يعطيها الأجر في الآخرة ولا يعطيها في الدنيا نعيماً، فكلهن اخترن النبي صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015