أما المؤمنون فهم يتبعون الرسول صلوات الله وسلامه عليه؛ لأنه أسوتهم وقدوتهم عليه الصلاة والسلام، وانظر الفرق بين هؤلاء وهؤلاء، يقول سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
يعني: لقد كان لكم أيها الناس جميعاً الأسوة الحسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان الخطاب في الآيات السابقة للمنافقين، وهنا الخطاب للجميع -للمؤمنين وللمنافقين- أي: اقتدوا جميعاً برسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وذروا ما أنتم عليه من معاصي الله سبحانه.
قوله: (أسوة) بالضم، وهي قراءة عاصم وحده.
أما باقي القراء فإنهم يقرءون: (إسوة) بالكسر.
فقوله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) يعني: القدوة الحسنة في الإتساء بالنبي صلوات الله وسلامه عليه للمؤمنين، فالمؤمن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن هوى المؤمن تبع للنبي صلى الله عليه وسلم ولما جاء به.
والمؤمن يفدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وبأهله وبماله.
ولذلك يحدث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن هؤلاء المؤمنين الذين يأتون من بعده ولم يروه، لكنهم يودون أن يروه، ولو فقدوا أهليهم وأموالهم.
قال تعالى: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} [الأحزاب:21] أي: يرجو ثواب الله ويرجو لقاء الله، ويرجو اليوم الآخر فهو يؤمن بالله وباليوم الآخر ويعتقد يقيناً جازماً أنه ملاقي الله، وأنه يأتي عليه يوم الحساب للجزاء والثواب والعقاب، فهو يود أنه مع النبي صلى الله عليه وسلم مقتدٍ به في الدنيا؛ فهو إمامه يوم القيامة، يوم يدعو الله عز وجل كل أناس بإمامهم.
يقول الله سبحانه: {وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21] الذكر يعين على طاعة الله سبحانه، والله مع الذين يذكرونه سبحانه وتعالى، فحين يذكر المؤمن ربه يكون الله معه.