قال الله تعالى: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب:11].
قوله: ((هنالك)) وإن كانت للمكان ولكن المقصود بها هنا: في هذا الوقت ابتلي المؤمنون، أي: ابتلاهم الله سبحانه وتعالى.
فالله سبحانه يبتلي ويختبر ويمتحن ويمحص عباده ليظهر الجيد من الرديء، قال سبحانه: {لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [الأنفال:37] وهنا قال: ((هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ)) أي: الله عز وجل لابد وأن يبتلي عبده المؤمن، ولذلك قال في سورة العنكبوت: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت:2] تريد أن تقول: أنا مؤمن ولا يحصل لك بلاء أبداً، هذا لا يمكن أن يكون، فلابد من البلاء، وكلما ازداد الإيمان ازداد البلاء، فلذلك أشد الناس ابتلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ويليهم في ذلك الصالحون ثم الأمثل فالأمثل.
قوله: ((وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا)) أصل الزلزلة الحركة، كأن المؤمنين زلزلوا وحركوا حركة شديدة، حركة في المكان الذي هم فيه بحيث إنه يروح ويجيء في المكان، لا يستطيع أن يثبت فيه.
فقوله: ((وَزُلْزِلُوا)) اضطربت القلوب وخافت من شدة الرعب، وكان الاضطراب في النفس وفي القلب من شدة الرعب والخوف.