ولقد ضاق الأمر بالمسلمين حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم ليشفق عليهم، فكاد أن يتفق مع بعض الكفار على أن يأخذوا ثلث ثمار المدينة ويرجعوا ليخذلوا جيش الكفار من قريش.
وإذا بالأنصار يرفضون ويقولون للنبي صلى الله عليه وسلم: إن كان هذا أمراً من الله سبحانه فإنا سنطيعه وإن كان أمراً تحبه أنت أيضاً نطيعه، وإن كان أمراً تعمله لنا نحن فلا، فإنهم لم يكونوا يطمعون ونحن في الكفر أنهم يأخذوا منا ثمرة من ثمار المدينة إلا شراءً أو قرى أو هدية، أما أنهم يأخذون هكذا من غير سبب فليس لهم إلا السيف.
وكان أهل المدينة شجعاناً، وكانوا مشهورين بذلك، ولما جاء تبع اليمن بجيشه يحارب أهل المدينة فكانوا يقاتلونهم بالنهار، ويطعمونهم بالليل على أنهم ضيوف.
فلم يمنعهم قتالهم من أنهم يبعثون لهم شيئاً من الطعام، فلما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ليس لهم عندنا إلا السيف، فرح النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لأنهم ثابتون على دينهم.