قال تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأحزاب:2].
وهذا أيضاً أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ولغيره بالاتباع لما أوحاه الله سبحانه من الوحي، وهناك وحي في كتاب الله عز وجل ووحي في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم نطقه وكلامه إما بقرآن وإما بسنة، قال الله سبحانه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم:3]، أي: لا ينطق عن هوى في نفسه، وإنما ينطق عن وحي بالقرآن أو بالسنة، وكلاهما وحي من الله تبارك وتعالى.
{وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأحزاب:2]، فما نطقت به وأمرت غيرك به، فأنت مطالب بأن تفعله وأن تتبع تشريع ربك سبحانه.
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [الأحزاب:2]، والخبير: هو الدقيق في علمه، الذي يعلم ما جل وما قل، ما استتر وخفا وما ظهر من الإنسان، فيعلم الله عز وجل كل شيء، فهو العليم وهو الخبير سبحانه، وهو العليم بدقائق وخفايا النفوس.
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} [الأحزاب:2]، هذه قراءة الجمهور.
وقرأها أبو عمرو (إن الله كان بما يعملون) على الغائب.
وهذه الآية هي كقوله تعالى: {بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب:9]، في قراءة الجمهور، وأما في قراءة أبي عمرو فهي: (بما يعملون بصيراً).
فالله يخاطبكم ويقول: كل ما تعملون فهو الخبير به وهو البصير به سبحانه وتعالى، وما يعمل الكفار والمنافقون فالله عليم وخبير بذلك كله أيضاً.
وفي هذه الآية الأمر بالاتباع، وكأنها إشارة وتحذير من الابتداع في دين الله سبحانه، {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف:3]، فيأمركم بالاتباع للكتاب والسنة، فكل ما جاء فيهما فهو وحي من عند رب العالمين والمؤمن مطالب باتباعه.
ولذلك يحذر الله سبحانه من سلوك سبل الضلالة، وفي فاتحة الكتاب تقرأ قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة:6]، أي: اهدنا ودلنا وأعنا على اتباع هذا الصراط المستقيم، وقال هنا: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأحزاب:2].
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من البدع فقال: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)، ففي هذا الحديث تحذير من الابتداع في دين الله سبحانه.
فلا تبتدعوا ويكفيكم ما جاء في القرآن والسنة، وقد قال الله لنبيه محمد: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأحزاب:2] وكذلك المؤمنون أمروا بالاتباع تبعاً.