الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة الأحزاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا * وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} [الأحزاب:1 - 3].
في هذه الآيات يخبر الله سبحانه وتعالى عن تقواه سبحانه، وأنه ينبغي على جميع خلقه من الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام فمن دونهم أن يتقوا الله سبحانه، فأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتقي الله، وهو أتقى خلق الله صلوات الله وسلامه عليه وأعلمهم بالله وأخشاهم له، فغيره من باب أولى أن يؤمر بذلك وأن يجعل بينه وبين عقوبة الله وقاية من العمل الصالح والإخلاص وتوحيد الله سبحانه وتعالى وغير ذلك.
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب:1]، فتحذير المعصوم عليه الصلاة والسلام من طاعة الكفار والمنافقين، مع أنه إذا فعل شيئاً فيه طاعة لهؤلاء في أمر من الأمور فإنه لا يبتغي بذلك إلا وجه الله سبحانه وتعالى، معناه أن غيره من باب أولى، فلا يجوز للمسلم أن يطيع كافراً أو يطيع منافقاً؛ فإنه إذا أطاعهم دلوه على الشر وصدوه عن طريق الخير.
فليحذر المؤمن من طاعة الكفار والمنافقين، فإنهم لن يدلوه على خير وقد ضلوا، فهم أهل ضلال فكيف يدلون غيرهم على الخير وهم لم يأخذوا به أصلاً، فلا تطع الكافرين ولا تطع المنافقين.
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الأحزاب:1]، أي: فالله عليم بما يأمر سبحانه، عليم بمن يطيعه من عباده، عليم بمن يدل على الخير ومن يضل عن الخير، وبمن يهدي إلى الرشد ومن يهدي إلى الضلال، والله حكيم في أوامره ونواهيه، حكيم إذ يقول: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب:1] ويقول: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء:59].
وهو حكيم سبحانه في تشريعه، حكيم في أمره ونهيه، فأطع الله واحذر من طاعة الكفار والمنافقين فإنهم قد ضلوا ويريدون أن يضلوك عن سبيل الله سبحانه.