قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب:1].
فأمره الله عز وجل بتقواه، ونهاه أن يطيع الكافرين والمنافقين فقال: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب:1]، وطاعة الكفار المنافقين شر كلها؛ لأن الكافر يأمرك بالمنكر، فليس بعد الكفر ذنب، وإذا كانت علاقته بالله سبحانه مبنية على الجحود والنكران والكفر بالله سبحانه وتعالى فكيف ستكون علاقته مع الخلق؟! ولذلك حذرنا الله بقوله: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} [الأحزاب:1]؛ فإنه يأمرك بالكفر بالله سبحانه، ولن يرضى عنك الكافر أبداً حتى تصير مثله، حتى وإن قال لك: إن هناك تسامحاً في الأديان، فكلنا شيء واحد تحت مظلة الإنسانية والحرية، فهو كذاب في دعواه، بل قد يكون من أكثر الناس دعوةً إلى الكفر والباطل.
وقد يزعمون أن هذه الدولة دولة علمانية ثم إذا خالف أحد نظامها قالوا عنه: إنه من اليمين المتطرف، أي: يدعو الناس إلى التطرف، ومثل هؤلاء يعرفون في لحن القول كما قال الرئيس الأميركي في حرب العراق: إنها حرب صليبيه، فهم في الحقيقة يحاربون لا لشيء إلا للدين، وصدق الله العظيم إذ يقول محذراً المؤمنين: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة:120].
ومع ذلك تجد المسلمين يتناسون ذلك ويتغافلون عنه، ويصدقون كلام هؤلاء الكذابين الذين ينادون بحرية الأديان والتسامح الديني وحرية المرأة ونزع الحجاب؛ حتى لا يكون هناك فرق بين المسلمين والكفار؛ ولذلك تجد الكفار يسعون جاهدين لتحرير المرأة راجين بذلك الوصول بالمسلم إلى أوحال المعاصي والمنكرات، وما ذلك إلا بسبب الغل والغيظ والحقد الذي يكنونه للمسلمين ولدين الإسلام؛ ولذلك فالله عز وجل يحذرنا من طاعة الكفار فيقول: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} [الأحزاب:1]؛ فإنهم يضلونك.
والحق أن هذا هو دأب الكفار في كل زمان ومكان، فقد كان كفار قريش يعرضون الدخول في دين الإسلام على النبي صلى الله عليه وسلم بشرط أن يذكر آلهتهم كاللات والعزى بخير وألا يشتمها، استدراجاً له صلى الله عليه وسلم، فإذا بالتحذير الرباني يصل مباشرة فيقول: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ} [الأحزاب:1]، ثم يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيجدون حوله الفقراء من أصحابه رضي الله تبارك وتعالى عنهم فيقولون: نحن نجلس مع هؤلاء -وكان فيهم بلال وغيره- بل اجعل لنا يوماً ولهؤلاء يوماً حتى لا تتحدث العرب أنا جلسنا مع هؤلاء الضعفاء والفقراء.
فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يوشك لحرصه على الدعوة إلى دين الله أن ينفذ ما طلبوه، لكن التحذير الرباني يصل إليه مباشرة فيقول: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف:28]، فلا تترك هؤلاء الذين يحرصون على الحضور والاستجابة لك، والذين يدعون ربهم بالغدو والآصال يبتغون وجه الله سبحانه وتعالى، قال: {وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف:28]، أي: لا تبتعد عيناك عن هؤلاء المؤمنين الصالحين تريد زينة الحياة الدنيا وطاعة هؤلاء الكفار، وهنا قال: {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ} [الأحزاب:1].
فالكافر يضلك ويدعوك إلى ما هو عليه، والمنافق أشد من ذلك، فالمنافق أبطن النفاق في قلبه وأظهر الإسلام على لسانه فهو غير معلوم، أما الكافر فمعلوم كفره باطناً وظاهراً.