قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الأحزاب:1].
وهذا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بتقوى الله، مع أن النبي صلوات الله وسلامه عليه هو أتقى الخلق لربه تبارك وتعالى وهو أعلم بما يتقي، فإذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتقوى كان غيره من باب أولى أن يؤمر بتقوى الله سبحانه.
والتقوى: هي المدافعة عن النفس، فتتقي الشر والظلم بأن تجتنب ذلك وتخاف أن يصيبك منه شيء، وتتقي الله بمعنى: تدفع غضب الله سبحانه وتعالى عنك بعملك الصالح، فتخاف من عذابه وعقوبته، وتدفع ذلك بالإيمان بالله سبحانه والعمل الصالح.
قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب:1]، وهذه قراءة الجمهور.
وقرأ نافع (النبيء) في كل القرآن بإلحاق الهمزة، وأصلها من النبوءة، أي: أنه أخبر بالغيب، فهو المنبأ صلوات الله وسلامه عليه.
إذاً: فالنبي هو المبلغ أخبار الله سبحانه وتعالى مما غاب عن الخلق، فهو منبئ مخبر بما غاب عن غيره من وحي الله تبارك وتعالى، والرسول: هو الذي أرسل برسالة من الله عز وجل، والنبي هو المنبأ بوحي أو بغيب وأمر بتبليغ هذا الشيء الذي غاب عن غيره، كتوحيد الله والأعمال الصالحة من الصلاة والصيام والزكاة والجهاد إلخ.
والفرق بين النبي والرسول: هو أن النبي من يحكم بشرع من قبله من الأنبياء، أما الرسول فهو صاحب كتاب منزل من الكتب السماوية؛ فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً، وقد نبئ النبي صلى الله عليه وسلم لما أمره الله سبحانه بقوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:1]، ثم أرسل بالمدثر والمزمل: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل:1 - 2] {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ} [المدثر:1 - 2]، أي: اذهب وأنذر الناس وبلغ رسالة الله سبحانه كما قال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة:67].
وصاحب الرسالة أعلى وأشرف من صاحب النبوة؛ ولذلك كان أولو العزم من الرسل لا من الأنبياء كنوح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وكذلك موسى وعيسى ونبينا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.