قال الله: {َإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ * أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [الروم:36 - 37] لماذا تقنط؟ ولماذا تفرح وتفتخر بهذا الشيء على غيرك؟ فالذي يبسط الرزق والذي يقدر الرزق ويضيقه هو الله سبحانه وتعالى، فإذا أتاك الرزق الواسع لا تظن أن الله أعطاك هذا الرزق؛ لأنه يحبك ولكن احمد ربك سبحانه وتعالى وخف من الفتنة في هذا الرزق الواسع، وإذا ضيق عليك الرزق فلا تظن أنه لا يحبك، فتضييق الرزق أو توسيع الرزق ليس دلالة على حب الله عز وجل أو بغضه للعبد.
فالمؤمن إذا آتاه الله عز وجل مالاً ورزقاً يشكر ربه سبحانه، ويحمد الله سبحانه، ويعطي الحقوق لأصحابها، ويخاف على نفسه الفتن في هذا المال.
وإذا ضيق الله عز وجل عليه في الرزق، يحسن الظن بالله سبحانه، فيقول: الله سبحانه فعل ذلك ليدخر لي الأجر عنده يوم القيامة، لكن الكافر إذا أعطاه الله عز وجل المال يفرح بهذا المال، ويقول: الله يحبني؛ لأنه أعطاني هذا المال، ويطغى على غيره من الخلق، فإذا أصابته المصيبة يقنط من رحمة الله وقد ينتحر؛ لأنه يائس من رحمة الله سبحانه.
وهذا الدين العظيم يعلمنا أن متاع الدنيا قليل، ومهما أوتيتم فيها فحطام الدنيا لا يساوي شيئاً، فالمؤمن يعبد الله سبحانه، ويبتغي الأجر في الآخرة.
ثم ذكر الله أنه يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وهذا تمهيد لما بعدها وهو قوله: {َآتِ ذَا الْقُرْبَى} [الروم:38].
ومن أسباب بسط الرزق أن تخرج النفقات وتعطيها لأهلها، (وما نقص مال من صدقة)، مهما تصدقت فالله يزيد لك من هذا المال، فكن على يقين بما عند الله سبحانه، ورزق ربك خير وأوسع وأعظم.
{فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الروم:38]، فأعط المسكين حقه من الزكاة الواجبة، ولابن السبيل كذلك.