قال الله: {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [الروم:38]، جاء في حديث ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها أنها اعتقت وليدة، بعد أن عرفت الثواب العظيم في العتق، وأن الذي يعتق رقبة يفك الله عز وجل بكل عضو منها عضواً منه من النار، فتقربت إلى الله عز وجل وأعتقت وليدة كانت عندها، فلما أعتقتها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: قد أعتقت فلانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أو قد فعلت؟ قالت: نعم.
قال: أما إنك لو أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك) يعني: أنت تصدقت لله سبحانه، وأعتقت هذه الرقبة ولك أجر عظيم، لكن أخوالك كانوا محتاجين لها، فلو أنك بدل ما تعتقيها أعطيتيها لهم؛ لكان أعظم من أن تعتقي هذه الأمة.
وفي الحديث الصحيح عن أم كلثوم بنت عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح) أي: المخاصم لك والذي يبغضك، فالصدقة عليه فيها أجر الصدقة وصلة الرحم وإزالة البغضاء والعداوة التي بينكما.
وعن سلمان بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة).
فعندما تريد أن تتصدق انظر، فإن وجدت فقراء مساكين غرباء، ووجدت قريباً لك فقيراً، واستوى الاثنان في الحاجة، فقدم القريب، وإن كان الإنسان الغريب أشد حاجة من القريب، ويريد شيئاً يعيش به وإلا سيموت، والقريب عنده قوته لكن يريد الزيادة؛ فهنا الغريب يكون أولى بالصدقة، لتنقذ نفساً من التلف، ولكن إذا استوى الغريب مع القريب في الحاجة فالقريب أولى، ولك أجر الصدقة وأجر الصلة.
وكل نفقة تنفقها لك فيها أجر من الله سبحانه وتعالى، إذا ابتغيت الأجر، حتى اللقمة تجعلها في فيّ امرأتك لك فيها أجر، وعندما يطعم الإنسان عياله له الأجر على ذلك، وإذا أعطى ذي الرحم الكاشح النفقة أو أعطاه الصدقة، فله الأجر المضاعف من الله عز وجل.