قال سبحانه في الكثيرين من هؤلاء: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت:65] إذا هم يدعون غير الله سبحانه، {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:66] واللام هنا إما لام كي أي: لكي يكفروا، يشركون لكي يجحدوا ربهم سبحانه ويعبدوا غيره، {وَلِيَتَمَتَّعُوا} [العنكبوت:66] لكي يتمتعوا بهذه الدنيا الحقيرة باللهو واللعب، ثم يرجعون إلى الله.
وإما أن اللام لام العاقبة، ويكون معنى: (ليكفروا بما آتيناهم): يشركون لتكون العاقبة كفرهم بالله سبحانه وتعالى، وتمتعاً قليلاً ثم يصلون إلى النار بعد ذلك.
وإما أن اللام لام الأمر، وكسرت وقرئت أيضاً بالسكون على أنها لام الأمر، فقرأها بالكسر قالون عن نافع، وقرأها ابن كثير وحمزة والكسائي وخلف: (ولْيتمتعوا) بالسكون، وبقية القراء قرءوها بالكسر مثل قراءة حفص عن عاصم، وقراءة ورش عن نافع: (ولِيتمتعوا فسوف يعلمون) بالكسر.
فعلى قراءة السكون تكون بمعنى: التهديد من الله، مثل قوله سبحانه وتعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت:40] فليس المعنى التخيير أي: الذي تريدونه اعملوه، بل هذا تهديد، أي: اعمل وستعرف بماذا أجازيك، فهذا تهديد ووعيد من الله سبحانه.
كذلك على قراءة الكسر يأتي فيها ذلك المعنى؛ لأن أصل لام الأمر السكون، فعلى ذلك يكون المعنى حتى في الكسر أيضاً التهديد من الله عز وجل لهؤلاء: (ولِيتمتعوا فسوف يعلمون) فسوف يعلمون ماذا سيحدث لهم في الدنيا وفي قبورهم ويوم القيامة يوم يبعثون.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.