ثم ذكر الله سبحانه وتعالى غيرهم فقال: {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ} [العنكبوت:39] فقارون كان من قوم موسى وقد ذكرنا قصته في سورة القصص، قال تعالى: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ} [القصص:76] والقصة معروفة.
(وفرعون): هو الذي حكم مصر والذي نظر في نفسه أنه أعلى من الناس، فادعى أنه إله عليهم، وكذب على الناس فوصدقوا كذبه، وكانوا قوماً مغفلين قال الله عنه: {قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ} [الزخرف:51] وقال: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} [النازعات:24].
فإذا بهم يصدقونه ويعبدونه من دون الله سبحانه، قال الله تعالى: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} [الزخرف:54].
وهامان وزير فرعون الذي يعينه على باطله، فقد قال له: {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ} [القصص:38].
يقول له: سأبني لك صرحاً من أجل أن تطلع إلى السماء، وهو يعلم أن صرحه لن يبلغ السماء أبداً، ويبنيه ويصدق فرعون فيما يقول.
ويقول: هذا الصرح اصعد فيه إلى السماء فيصعد فرعون فوق الصرح، وينزل للقوم ويقول لهم: لم أجد أحداً في السماء، وليس هناك إله وهذا موسى كذاب، فهذا الكذاب هامان يعين فرعون على ما هو فيه من باطل.
قال سبحانه: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ} [العنكبوت:39] فقارون ألهاه ماله وحسده لموسى عليه الصلاة والسلام؛ لأنه كان ابن عم لموسى عليه الصلاة والسلام، فغار من موسى فقال: أنا معي الأموال كلها وأنت تكون رسولاً!! فغار منه فكان أن خسف الله عز وجل به الأرض.
وفرعون وهامان كذبا موسى عليه السلام وقام الاثنان بأعمال تدل على هذا التكذيب، قال سبحانه: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} [العنكبوت:39] استكبروا وكأن هذه الآية تحذر كل مستكبر: مهما تكبرت وعلوت فلست بفائت على الله سبحانه وتعالى، بل الله الذي تركهم كما قال: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف:183] أي: اذهبوا واعملوا ما تريدون فيستكبرون ثم لا يفلتون من ربهم سبحانه.