من قصة سيدنا يونس عليه السلام ما ذكر الله عز وجل هنا: ((وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا)) يعني: غضبان لله سبحانه وتعالى، قالوا: مغاضباً لأجل ربه؛ لأن قومه عصوا ربهم سبحانه وتعالى.
والله سبحانه وتعالى بعثه إلى أهل نينوى وهي بلدة من أرض الموصل في العراق، فدعاهم إلى الله فترة طويلة فلم يستجيبوا له وكذبوه، فوعدهم بنزول العذاب في وقت معين، وخرج عنهم مغاضباً لهم، ولكن خروجه هنا كان بغير إذن من الله سبحانه، يقول سبحانه: ((فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ))، يعني: نضيق عليه.
وهنا قراءة الجمهور، ((فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ))، وقراءة يعقوب: ((فَظَنَّ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ)) أي: أن لن يضيق عليه في أمر دعوته إلى الله عز وجل، فخرج بغير إذن من ربه، وهنا تعلم منه النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يخرج مهاجراً من بلده مع إيذاء الكفار له حتى يأتي الإذن من الله سبحانه وتعالى.
فيونس عليه الصلاة والسلام خرج مغاضباً لقومه، فلما رأوا آثار العذاب، وأن العذاب آت من عند الله عز وجل، ويونس عليه السلام قد خرج وتركهم خضعوا وتضرعوا لربهم سبحانه وتعالى، قال ربنا سبحانه: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس:98].
فقوله: ((فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا)) أي: هلا كانت قرية آمنت فانتفعت بإيمانها قبل أن يأتي العذاب، إلا قوم يونس لما رأوا العذاب نفعهم الإيمان قبل أن ينزل العذاب؛ لأنهم خشعوا لله وتضرعوا لله سبحانه وتعالى، وعرفوا أن نبيهم صادق، فالله عز وجل ذكر أنهم الوحيدون الذين كشف عنهم العذاب قبل أن ينزل عليهم، فرحمهم الله وكشف عنهم العذاب.