حكم التفضيل بين الأنبياء

قال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87].

وذا النون هو سيدنا يونس على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وذو من الأسماء الستة بمعنى صاحب، يعني: صاحب النون، والنون الحوت الضخم الكبير، فذو النون هو صاحب الحوت، وصاحب الحوت هو يونس بن متى على نبينا وعليه الصلاة والسلام.

ذكر الله تعالى هنا يونس عليه السلام فقال: ((وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا)) وذكره الله عز وجل في سورة الصافات فقال: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الصافات:139 - 144].

وذكره أيضاً في قوله تعالى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القلم:48 - 50].

هذا كله في سيدنا يونس بن متى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فذكر لنا ربنا سبحانه وتعالى قصته، ونبينا صلوات الله وسلامه عليه ذكره في الحديث، وقال: (لا يقولن أحدكم: إني خير من يونس بن متى)، عليه الصلاة والسلام.

وفي الحديث الآخر: (لا ينبغي لعبد أن يقول: إني خير من يونس بن متى).

وفيه رواية ثالثة: قال: (ولا أقول: إن أحداً أفضل من يونس بن متى)، وفي رواية: (لا ينبغي لنبي أن يقول: أنا أفضل من يونس بن متى).

هذا من تواضع النبي صلوات الله وسلامه عليه، وإلا فهو رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، وهو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك قال ذلك تواضعاً؛ حتى إذا قرأ الإنسان هذه الآيات في كتاب الله عز وجل لا يستهين بسيدنا يونس عليه الصلاة والسلام، ولا يظن أنه لو كان مكانه لفعل أفضل مما فعله، أو يفاضل بين الأنبياء على وجه التحقير للبعض منهم، كأن يقول: لو كان نبينا صلى الله عليه وسلم مكانه كان كذا وكذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم سد الباب، بل يتواضع صلوات الله وسلامه عليه ويهضم نفسه صلى الله عليه وسلم ويقول: (رحم الله أخي يوسف لو لبثت في السجن كما لبث ثم جاءني الداعي لبادرت) فهو يهضم نفسه صلى الله عليه وسلم ويقول: إن سيدنا يوسف كان على صبر عظيم جداً، فهو مع أنه كان في السجن ويأتيه الداعي ويقول: تعال كلم الملك، فيقول له: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ} [يوسف:50] فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: لو كنت مكانه لما قلت هذا الشيء، ولخرجت مباشرة؛ لأن السجن بلاء شديد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015