قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأَوَّلِينَ} [الشعراء:184] أي: الخلق السابقين، فيكون المعنى: اتقوا الذي خلقكم كما خلق الجبلة الأولين السابقين قبلكم، فكان جواب هؤلاء الأقوام كجواب الذين من قبلهم: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء:185 - 186]، فهذا هو نفس الكلام الذي قالته ثمود لنبيهم صالح على نبيهم وعليه الصلاة والسلام، {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء:153] يعني: قد سحرت فأنت تتكلم كلاماً ليس جيداً، أو أنه لك سَحَراً والسحر هو الرئة، وقالوا: الصالح: {مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء:154].
وهنا قوم شعيب لما انبسط شعيب معهم زادوه في
صلى الله عليه وسلم { قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [الشعراء:185 - 187].
وأما قوم ثمود فقالوا لنبيهم: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * مَا أَنْتَ} [الشعراء:153 - 154] يعني: أنت لك سحر، وأنت بشر مثلنا، فكأنه جواب واحد وأكد الأول بالثاني، وكأن هؤلاء يقولون: {مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [الشعراء:186] يعني: لن تكون أفصح منا، فكلما تقول لنا كلاماً كثيراً فسنرد عليك بجواب كثير، فهنا زادوه في الكلام على ما قال الذين من قبلهم، فقالوا: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء:186] أي: ويغلب على ظننا أنك تكذب علينا وأنك لا تصدقنا، وهو لم يكذب عليهم قبل ذلك، لكن الكاذب يرى الناس كذابين مثله، فهم أهل كفر وأهل كذب وأهل مكر وخديعة فيرمونه بدائهم هم.