مَرَمَّةٍ (?) لِمَعَاشٍ، أَوْ لَذَّةٍ فِي غَيْرِ مُحَرَّمٍ، وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا بِزَمَانِهِ، مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ حَافِظًا لِلِسَانِهِ، وَمَنْ حَسِبَ كَلَامَهُ مِنْ عَمَلِهِ قَلَّ كَلَامُهُ إِلَّا فِيمَا يَعْنِيهِ» . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قَالَ «كَانَتْ عِبَرًا كُلُّهَا: عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْمَوْتِ ثُمَّ هُوَ يَفْرَحُ، عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْقَدَرِ ثُمَّ هُوَ يَنْصَبُ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ يَرَى الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا، وَعَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالْحِسَابِ غَدًا ثُمَّ هُوَ لَا يَعْمَلُ» . قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، فهل في أيدينا شيء مما كان فِي أَيْدِي إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ؟ قَالَ «نَعَمْ اقْرَأْ يَا أَبَا ذَرٍّ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى، [الْأَعْلَى: 14- 19] . قَالَ: قَلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي قَالَ: أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ أَمْرِكَ قال: قلت يا رسول الله زدني قال «عَلَيْكَ بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ ذِكْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ وَنُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ» قال: قلت: يا رسول الله زدني.
قال «إياك وكثرة الضحاك، فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه» ، قال: قلت: يا رسول الله زدني، قال: «عَلَيْكَ بِالْجِهَادِ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُ أُمَّتِي» . قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ «عَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّهُ مَطْرَدَةٌ لِلشَّيْطَانِ، وَعَوْنٌ لَكَ عَلَى أَمْرِ دِينِكَ» . قُلْتُ: زِدْنِي قَالَ: «انْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ تَحْتَكَ، وَلَا تَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكَ، فإنه أجدر لك أَنْ لَا تَزْدَرِي نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ» . قُلْتُ:
زِدْنِي. قَالَ: «أَحْبِبِ الْمَسَاكِينَ وَجَالِسْهُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرِي نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكَ» . قُلْتُ:
زِدْنِي قَالَ: «صِلْ قَرَابَتَكَ وَإِنْ قُطَعُوكَ» . قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ: «قُلِ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا» قُلْتُ:
زِدْنِي. قَالَ «لَا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ» . قُلْتُ: زِدْنِي. قَالَ «يَرُدُّكَ عَنِ الناس ما تعرف من نَفْسِكَ، وَلَا تَجِدُ عَلَيْهِمْ فِيمَا تُحِبُّ، وَكَفَى بِكَ عَيْبًا أَنَّ تَعْرِفَ مِنَ النَّاسِ مَا تَجْهَلُ مِنْ نَفْسِكَ، أَوْ تَجِدَ عَلَيْهِمْ فِيمَا تُحِبُّ» ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ صَدْرِي فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، لَا عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ، وَلَا وَرَعَ كَالْكَفِّ، وَلَا حَسَبَ كَحُسْنِ الْخُلُقِ» .
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ (?) عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ أَمْرَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ، وَفَضْلَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَأَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ، وَأَفْضَلَ الرِّقَابِ، وَنُبُوَّةَ آدَمَ وَأَنَّهُ مُكَلَّمٌ، وَعَدَدَ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمُرْسَلِينَ كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ عَبْدُ الله ابن الْإِمَامِ أَحْمَدَ (?) : وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّهِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمُتَعَالِي بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا مُجَالِدُ عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، قَالَ: قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: هَلْ تَقُولُ الْخَوَارِجُ بِالدَّجَّالِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إني خاتم