مُسْلِمٌ فِي مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كفى بالمرء كذبا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ مِنْ سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ إِشْكَابٍ، عَنْ علي بن حفص عن شعبة مسندا، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ الْعَنْبَرِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ عمرو النَّمِرِيِّ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيْبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ بِهِ مُرْسَلًا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ (?) ، أَيْ الَّذِي يُكْثِرُ مِنَ الْحَدِيثِ عَمَّا يَقُولُ النَّاسُ مِنْ غَيْرِ تَثَبُّتٍ، وَلَا تَدَبُّرٍ، وَلَا تَبَيُّنٍ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «بئس مطية الرجل زعموا» (?) . وَفِي الصَّحِيحِ «مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ» .

وَيُذْكَرُ هَاهُنَا حديث عمر بن الخطاب المتفق على صحته حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، طلق نساءه، فجاء مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّاسَ يَقُولُونَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْهَمَهُ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ فقال «لَا» فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ.

وَعِنْدَ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ: أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ فَقَالَ «لَا» فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي، لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ [النِّسَاءِ: 83] فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذلك الأمر.

ومعنى يستنبطونه أي يستخرجونه مِنْ مَعَادِنِهِ، يُقَالُ: اسْتَنْبَطَ الرَّجُلُ الْعَيْنَ إِذَا حفرها واستخرجها من قعورها. وقوله: لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا [النساء: 83] ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا يَعْنِي كُلَّكُمْ، وَاسْتَشْهَدَ مَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ بِقَوْلِ الطِّرْمَاحِ بْنِ حَكِيمٍ فِي مَدْحِ يَزِيدَ بن المهلب: [المتقارب]

أشم نديّ كثير النوادي (?) ... قَلِيلَ الْمَثَالِبِ وَالْقَادِحَةْ

يَعْنِي لَا مَثَالِبَ لَهُ ولا قادحة فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015