غَيْرَ شَاعِرِينَ وَلَا دَارِينَ، وَلَكِنَّهُمْ عَلَى عَمْيَاءَ مَنْ أَمْرِهِمْ مُقِيمُونَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ قَالَ: يُظْهِرُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يُرِيدُونَ أَنْ يَحْرِزُوا بِذَلِكَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَفِي أَنْفُسِهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ. يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ

نَعْتُ الْمُنَافِقِ عِنْدَ كَثِيرٍ: خَنِعُ الْأَخْلَاقِ يصدق بلسانه وينكر بقلبه ويخالف بعمله ويصبح عَلَى حَالٍ وَيُمْسِي عَلَى غَيْرِهِ، وَيُمْسِي عَلَى حَالٍ وَيُصْبِحُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيَتَكَفَّأُ «1» تَكْفُّؤَ السَّفِينَةِ كلما هبت ريح هبت معها.

[سورة البقرة (?) : آية 10]

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ (10)

قَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قَالَ: شَكٌّ (فَزَادَهُمُ اللَّهُ مرضا) قال: شكا. وقال ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (فِي قلوبهم مرض) قال: شكا. وَكَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَقَتَادَةُ. وَعَنْ عِكْرِمَةَ وَطَاوُسٍ (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) يَعْنِي الرِّيَاءَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) قَالَ: نِفَاقٌ. (فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) قَالَ: نِفَاقًا وَهَذَا كَالْأَوَّلِ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) قَالَ: هَذَا مَرَضٌ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ مَرَضًا فِي الْأَجْسَادِ وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ. وَالْمَرَضُ الشَّكُّ الَّذِي دَخْلَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ (فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) قَالَ: زَادَهُمْ رِجْسًا، وَقَرَأَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ [التَّوْبَةِ: 124- 125] . قَالَ: شَرًّا إِلَى شَرِّهِمْ وَضَلَالَةً إِلَى ضَلَالَتِهِمْ. وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ حَسَنٌ وَهُوَ الْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ وَكَذَلِكَ قَالَهُ الْأَوَّلُونَ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَى أَيْضًا وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ [مُحَمَّدٍ: 17] وَقَوْلُهُ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ وَقُرِئَ يُكَذِّبُونَ، وَقَدْ كَانُوا مُتَّصِفِينَ بِهَذَا وهذا، فإنهم كانوا كذبة ويكذبون بالغيب يَجْمَعُونَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا. وَقَدْ سُئِلَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَنْ حِكْمَةِ كَفِّهِ عَلَيْهِ الصلاة والسلام عَنْ قَتْلِ الْمُنَافِقِينَ مَعَ عِلْمِهِ بِأَعْيَانِ بَعْضِهِمْ «2» وَذَكَرُوا أَجْوِبَةً عَنْ ذَلِكَ مِنْهَا مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه «أَكْرَهُ أَنْ يَتَحَدَّثَ الْعَرَبُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» «3» وَمَعْنَى هَذَا خَشْيَةَ أَنْ يَقَعَ بِسَبَبِ ذَلِكَ تَغَيُّرٌ لِكَثِيرٍ مِنَ الْأَعْرَابِ عَنِ الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يَعْلَمُونَ حِكْمَةَ قَتْلِهِ لَهُمْ وَأَنَّ قَتْلَهُ إِيَّاهُمْ إِنَّمَا هُوَ عَلَى الْكُفْرِ فإنهم إنما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015