فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ [آلِ عِمْرَانَ: 7] فَلَيْسَ، بِحَمْدِ اللَّهِ، لِمُبْتَدِعٍ فِي الْقُرْآنِ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ لِأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ لِيَفْصِلَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ مُفَرِّقًا بَيْنَ الْهُدَى وَالضَّلَالِ وَلَيْسَ فِيهِ تَنَاقُضٌ وَلَا اخْتِلَافٌ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ.
يستحب لمن يقرأ الْفَاتِحَةَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهَا آمِينَ، مِثْلَ يس، ويقال أمين بالقصر أيضا، ومعناه:
اللهم استجب. والدليل على استحباب التأمين مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالَ آمِينَ مَدَّ بِهَا صَوْتَهُ (?) ، وَلِأَبِي دَاوُدَ: رَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَلَا غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ «آمِينَ» حَتَّى يُسْمِعَ مَنْ يَلِيهِ مِنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ وزاد فيه: فيرتج بِهَا الْمَسْجِدُ. وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ. وَعَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَسْبِقْنِي بِآمِينَ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَنَقَلَ أَبُو نَصْرٍ الْقُشَيْرِيُّ عَنِ الْحَسَنِ وَجَعْفَرٍ الصَّادِقِ أَنَّهُمَا شَدَّدَا الْمِيمَ مِنْ آمِينَ مِثْلَ آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ [الْمَائِدَةِ: 2] قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ: وَيُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِمَنْ هُوَ خَارِجُ الصَّلَاةِ، وَيَتَأَكَّدُ فِي حَقِّ الْمُصَلِّي، وَسَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، وَفِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ لِمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (?) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» وَلِمُسْلِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ آمِينَ وَالْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ آمِينَ فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (?) قِيلَ بِمَعْنَى مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ فِي الزَّمَانِ، وَقِيلَ فِي الْإِجَابَةِ، وَقِيلَ فِي صِفَةِ الْإِخْلَاصِ. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى مَرْفُوعًا «إِذَا قَالَ- يَعْنِي الْإِمَامَ- وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ يُجِبْكُمُ اللَّهُ» (?) وَقَالَ جُوَيْبِرٌ عَنِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا مَعْنَى آمِينَ؟ قَالَ «رَبِّ افْعَلْ» وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَعْنَى آمِينَ كَذَلِكَ فَلْيَكُنْ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ مَعْنَاهُ: لَا تُخَيِّبْ رَجَاءَنَا. وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ مَعْنَاهُ: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ لَنَا. وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ وجعفر الصادق وهلال بن يساف أَنَّ آمِينَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَلَا يَصِحُّ، قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ. وَقَالَ أَصْحَابُ مَالِكٍ:
لَا يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ وَيُؤَمِّنُ الْمَأْمُومُ لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «وَإِذَا قَالَ- يَعْنِي الْإِمَامَ- وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ» الْحَدِيثَ. واستأنسوا أيضا