مُرِّيِّ بْنِ قَطَرِيٍّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ تعالى غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ قَالَ: هُمُ الْيَهُودُ وَلَا الضَّالِّينَ قَالَ: النَّصَارَى هُمُ الضَّالُّونَ. وَهَكَذَا رَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ بِهِ، وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثُ عَدِيٍّ هَذَا مِنْ طُرُقٍ وَلَهُ أَلْفَاظٌ كَثِيرَةٌ يَطُولُ ذِكْرُهَا. وَقَالَ عبد الرزاق: وأخبرنا مَعْمَرٌ عَنْ بُدَيْلٍ الْعُقَيْلِيِّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بن شقيق أنه أخبره مَنْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِوَادِي الْقُرَى وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الْقَيْنِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَشَارَ إِلَى الْيَهُودِ وَالضَّالُّونَ هُمُ النَّصَارَى. وَقَدْ رَوَاهُ الْجُرَيْرِيُّ وَعُرْوَةُ وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ فَأَرْسَلُوهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَنْ سَمِعَ من النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ تَسْمِيَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلَتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ قَالَ: اليهود، قُلْتُ: الضَّالِّينَ قَالَ: النَّصَارَى. وَقَالَ السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي مَالِكٍ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ هُمُ الْيَهُودُ وَلَا الضَّالِّينَ هُمُ النَّصَارَى. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ هم اليهود ولا الضالين النَّصَارَى، وَكَذَلِكَ قَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَلَا أَعْلَمُ بَيْنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذَا اخْتِلَافًا.
وَشَاهِدُ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَنَّ الْيَهُودَ مَغْضُوبٌ عَلَيْهِمْ وَالنَّصَارَى ضَالُّونَ، الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي خِطَابِهِ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ [الْبَقَرَةِ: 90] وَقَالَ فِي الْمَائِدَةِ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ [الْمَائِدَةِ: 60] وَقَالَ تَعَالَى: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ كانُوا لَا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كانُوا يَفْعَلُونَ [الْمَائِدَةِ: 78- 79] وَفِي السِّيرَةِ (?) عَنْ زَيْدِ بْنِ عَمْرِوِ بْنِ نُفَيْلٍ أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ هُوَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الشَّامِ يَطْلُبُونَ الدِّينَ الْحَنِيفَ قَالَتْ لَهُ الْيَهُودُ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ الدُّخُولَ مَعَنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَنَا مِنْ غَضَبِ اللَّهِ أَفِرُّ، وَقَالَتْ لَهُ النَّصَارَى إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ الدُّخُولَ مَعَنَا حَتَّى تَأْخُذَ بِنَصِيبِكَ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُهُ. فَاسْتَمَرَّ عَلَى فِطْرَتِهِ وَجَانَبَ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ وَدِينَ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَدْخُلْ مَعَ أَحَدٍ مِنَ الْيَهُودِ وَلَا النَّصَارَى، وَأَمَّا أَصْحَابُهُ فَتَنَصَّرُوا وَدَخَلُوا فِي دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ لِأَنَّهُمْ وَجَدُوهُ أَقْرَبَ مِنْ دِينِ الْيَهُودِ إذ ذك، وَكَانَ مِنْهُمْ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ حَتَّى هَدَاهُ اللَّهُ بِنَبِيِّهِ لَمَّا بَعَثَهُ آمَنَ بِمَا وَجَدَ من الوحي رضي الله عنه.