ثُمَّ قَالَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ أَيْ أَصْحَابُ الشِّمَالِ عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ أَيْ مُطْبَقَةٌ عَلَيْهِمْ فَلَا مَحِيدَ لَهُمْ عَنْهَا وَلَا خُرُوجَ لَهُمْ مِنْهَا! قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ مُؤْصَدَةٌ أَيْ مُطْبَقَةٌ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُغْلَقَةُ الْأَبْوَابِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَصَدَ الْبَابَ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ أَيْ أَغْلَقَهُ وَسَيَأْتِي فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ فِي سُورَةِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة: 1] .
وَقَالَ الضَّحَّاكُ مُؤْصَدَةٌ حَيْطٌ لَا بَابَ لَهُ، وَقَالَ قَتَادَةُ مُؤْصَدَةٌ مُطْبِقَةٌ فَلَا ضَوْءَ فِيهَا وَلَا فُرَجَ وَلَا خُرُوجَ مِنْهَا آخِرَ الْأَبَدِ، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَمَرَ اللَّهُ بِكُلِّ جَبَّارٍ وَكُلِّ شَيْطَانٍ وَكُلِّ مَنْ كَانَ يَخَافُ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا شره، فأوثقوا بالحديد ثُمَّ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ ثُمَّ أَوْصَدُوهَا عَلَيْهِمْ أَيْ أَطْبَقُوهَا، قَالَ: فَلَا وَاللَّهِ لَا تَسْتَقِرُّ أَقْدَامُهُمْ عَلَى قَرَارٍ أَبَدًا، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَنْظُرُونَ فِيهَا إِلَى أَدِيمِ سَمَاءٍ أَبَدًا، وَلَا وَاللَّهِ لَا تَلْتَقِي جُفُونُ أَعْيُنِهِمْ عَلَى غَمْضِ نَوْمٍ أَبَدًا، وَلَا وَاللَّهِ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَارِدَ شَرَابٍ أَبَدًا، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَلَدِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ والمنة.
تفسير
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ تَقَدَّمَ حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِمُعَاذٍ: «هَلَّا صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى؟» «1» .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالشَّمْسِ وَضُحاها (?) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (?) وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (3) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (4)
وَالسَّماءِ وَما بَناها (5) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (6) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (7) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9)
وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (10)
قَالَ مُجَاهِدٌ وَالشَّمْسِ وَضُحاها أَيْ وَضَوْئِهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ وَضُحاها النَّهَارُ كُلُّهُ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «2» : وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: أَقْسَمَ اللَّهُ بِالشَّمْسِ وَنَهَارِهَا لِأَنَّ ضَوْءَ الشَّمْسِ الظَّاهِرَ هُوَ النَّهَارُ وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها قَالَ مُجَاهِدٌ: تَبِعَهَا، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها قَالَ:
يَتْلُو النَّهَارَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذا تَلاها لَيْلَةَ الْهِلَالِ إِذَا سَقَطَتِ الشَّمْسُ رُؤِيَ الْهِلَالُ، وَقَالَ ابن