وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيُّ، أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا» فَقَالَتْ عَائِشَةُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِالْعَوْرَاتِ؟ فَقَالَ: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ انْفَرَدَ بِهِ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا الفضل بن موسى عن عائذ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: سألت عَائِشَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، إِنِّي ساءلتك عن حديث فتخبرني أنت به قال: «إِنْ كَانَ عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ» قَالَتْ:
يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ الرِّجَالُ؟ قَالَ «حُفَاةً عراة» ثم انتظرت ساعة فقالت: يا رسول اللَّهِ كَيْفَ يُحْشَرُ النِّسَاءُ؟ قَالَ: كَذَلِكَ حُفَاةً عراة» قالت: وا سوأتاه مِنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ: «وَعَنْ أَيِّ ذَلِكَ تَسْأَلِينَ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ عَلَيَّ آيَةٌ لَا يَضُرُّكِ كَانَ عَلَيْكِ ثِيَابٌ أَوْ لَا يَكُونُ» .
قَالَتْ: أَيَّةُ آيَةٍ هِيَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وَقَالَ الْبَغَوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إبراهيم الشريحي أنبأنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَوْدَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُبْعَثُ النَّاسُ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا قَدْ أَلْجَمَهُمُ الْعَرَقُ وَبَلَغَ شُحُومَ الآذان، فقلت يا رسول الله: وا سوأتاه يَنْظُرُ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: «قَدْ شُغِلَ النَّاسُ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ جِدًّا وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ الْمَرْوَزِيِّ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى بِهِ وَلَكِنْ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ عائذ بن شريح ضعيف وفي حديثه ضعف.
وقوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ أَيْ يَكُونُ الناس هنالك فريقين وجوه مُسْفِرَةٌ أَيْ مُسْتَنِيرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ أَيْ مَسْرُورَةٌ فرحة من السرور في قُلُوبِهِمْ قَدْ ظَهَرَ الْبِشْرُ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَهَؤُلَاءِ هم أَهْلُ الْجَنَّةِ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ أَيْ يَعْلُوهَا وَيَغْشَاهَا قَتَرَةٌ أَيْ سَوَادٌ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا سَهْلِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَسْكَرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدٌ مَوْلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُلْجِمُ الْكَافِرَ الْعَرَقُ ثُمَّ تَقَعُ الْغَبَرَةُ عَلَى وجوههم» قال فهو قوله تعالى:
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ أَيْ يَغْشَاهَا سَوَادُ الْوُجُوهِ وَقَوْلُهُ تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ أَيِ الْكَفَرَةُ قُلُوبُهُمْ الْفَجَرَةُ فِي أَعْمَالِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى:
وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً [نُوحٍ: 27] . آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ عَبَسَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.