بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ أَدْخِلُوهُ جَنَّةً عَالِيَةً قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ» وَكَذَا رَوَاهُ الضِّيَاءُ فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ مِنْ طَرِيقِ سَعْدَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عن سَلْمَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُعْطَى الْمُؤْمِنُ جَوَازًا عَلَى الصِّرَاطِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانٍ أَدْخِلُوهُ جَنَّةً عَالِيَةً قطوفها دانية» .
وقوله تَعَالَى: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ أَيْ يُقَالُ لَهُمْ ذَلِكَ تَفَضُّلًا عَلَيْهِمْ وَامْتِنَانًا وَإِنْعَامًا وَإِحْسَانًا، وَإِلَّا فَقَدَ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اعْمَلُوا وَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَنْ يُدْخِلَهُ عَمَلُهُ الْجَنَّةَ» قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: وَلَا أَنَا إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ منه وفضل» «1» .
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسابِيَهْ (26) يَا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (27) مَا أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (29)
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (34)
فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (35) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (36) لَا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ (37)
وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ إِذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُمْ كِتَابَهُ فِي الْعَرَصَاتِ بِشَمَالِهِ، فَحِينَئِذٍ يَنْدَمُ غاية الندم فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسابِيَهْ يَا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ قَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي مَوْتَةً لَا حَيَاةَ بَعْدَهَا، وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ وَالرَّبِيعُ وَالسُّدِّيُّ، وَقَالَ قَتَادَةُ:
تَمَنَّى الْمَوْتَ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فِي الدُّنْيَا أَكْرَهُ إِلَيْهِ مِنْهُ مَا أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ أَيْ لَمْ يَدْفَعْ عَنِّي مَالِي وَلَا جَاهِي عَذَابَ اللَّهِ وبأسه، بل خلص إِلَيَّ وَحْدِي فَلَا مُعِينَ لِي وَلَا مُجِيرَ، فَعِنْدَهَا يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ أَيْ يَأْمُرُ الزَّبَانِيَةَ أَنْ تَأْخُذَهُ عُنْفًا مِنَ الْمَحْشَرِ فَتَغُلُّهُ أَيْ تَضَعُ الْأَغْلَالَ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ تُورِدُهُ إِلَى جَهَنَّمَ فَتُصِلِيهِ إِيَّاهَا أَيْ تَغْمُرُهُ فِيهَا.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: إِذَا قَالَ اللَّهُ تعالى خُذُوهُ ابْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِنَّ الْمَلَكَ مِنْهُمْ لَيَقُولُ هَكَذَا فَيُلْقِي سَبْعِينَ أَلْفًا فِي النَّارِ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي الْأَهْوَالِ أَنَّهُ يَبْتَدِرُهُ أَرْبَعُمِائَةِ أَلْفٍ وَلَا يَبْقَى شَيْءٌ إِلَّا دَقَّهُ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلَكَ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ الرَّبَّ عَلَيْكَ غَضْبَانُ فَكُلُّ شَيْءٍ غَضْبَانٌ عليك، وقال الفضيل بن عِيَاضٍ: إِذَا قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ابْتَدَرَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ أَيُّهُمْ يَجْعَلُ الْغُلَّ فِي عُنُقِهِ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ أَيِ اغمروه فيها.
وقوله تعالى: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ قال كعب الأحبار: كل حلقة