رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نَهَى عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ «1» ، ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وقوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ أَيِ اتَّقُوهُ فِي امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَتَرْكِ زَوَاجِرِهِ فَإِنَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِمَنْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَأَبَاهُ وارتكب ما عنه زجره ونهاه.
لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9) وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (10)
يَقُولُ تَعَالَى مُبَيِّنًا حَالَ الْفُقَرَاءِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِمَالِ الْفَيْءِ أَنَّهُمْ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً أَيْ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَخَالَفُوا قَوْمَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ أَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ صَدَّقُوا قَوْلَهُمْ بِفِعْلِهِمْ وَهَؤُلَاءِ هُمْ سَادَاتُ الْمُهَاجِرِينَ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى مَادِحًا لِلْأَنْصَارِ وَمُبَيِّنًا فَضْلَهُمْ وَشَرَفَهُمْ وَكَرَمَهُمْ، وَعَدَمَ حسدهم وإيثارهم مع الحاجة فقال تعالى: وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ سَكَنُوا دَارَ الْهِجْرَةِ مِنْ قَبْلِ الْمُهَاجِرِينَ وَآمَنُوا قَبْلَ كَثِيرٍ منهم. قال عمر:
وأوصي الخليفة بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ وَيَحْفَظَ لَهُمْ كَرَامَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلُ، أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَأَنْ يَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ رَوَاهُ البخاري «2» هاهنا أيضا.
قوله تعالى: يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ أَيْ مِنْ كَرَمِهِمْ وَشَرَفَ أَنْفُسِهِمْ يُحِبُّونَ الْمُهَاجِرِينَ وَيُوَاسُونَهُمْ بِأَمْوَالِهِمْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «3» : حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ الْمُهَاجِرُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ وَلَا أَحْسَنَ بَذْلًا فِي كَثِيرٍ، لَقَدْ كَفَوْنَا الْمُؤْنَةَ وَأَشْرَكُونَا فِي الْمُهَنَّإِ حَتَّى لَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ. قَالَ «لَا مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ وَدَعَوْتُمُ اللَّهَ لَهُمْ» «4» لَمْ أَرَهُ فِي الْكُتُبِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ «5» : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ سمع أنس بن