وَوَافَقَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ الضَّحَّاكُ وَعُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَمَّا افْتَخَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ بِأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ أنزل الله تعالى عليه هَذِهِ الْآيَةَ فِي حَقِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ أي ضعفين مِنْ رَحْمَتِهِ وَزَادَهُمْ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ يَعْنِي هُدًى يُتَبَصَّرُ بِهِ مِنَ الْعَمَى وَالْجَهَالَةِ وَيَغْفِرْ لكم، ففضلهم بالنور والمغفرة رواه ابْنُ جَرِيرٍ (?) عَنْهُ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الْأَنْفَالِ: 29] وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: سَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخطاب حبرا من أحبار اليهود كَمْ أَفْضَلُ مَا ضُعِّفَتْ لَكُمْ حَسَنَةٌ؟ قَالَ كفل ثلاثمائة وخمسين حَسَنَةً، قَالَ فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ عَلَى أَنَّهُ أَعْطَانَا كِفْلَيْنِ، ثُمَّ ذَكَرَ سَعِيدٌ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ قَالَ سَعِيدٌ: وَالْكِفْلَانِ فِي الْجُمُعَةِ مِثْلُ ذَلِكَ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ (?) . وَمِمَّا يُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (?) : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا فَقَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ أَلَا فَعَمِلَتِ الْيَهُودُ، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي من صلاة الظهر إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ؟ أَلَا فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ قَالَ مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الذين عَمِلْتُمْ، فَغَضِبَتِ النَّصَارَى وَالْيَهُودُ وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلًا وَأَقَلُّ عَطَاءً قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مَنْ أَجْرِكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّمَا هُوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ» .
قَالَ أَحْمَدُ (?) وَحَدَّثْنَاهُ مُؤَمَّلٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَ حَدِيثِ نَافِعٍ عَنْهُ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ الْبُخَارِيُّ (?) فَرَوَاهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ بِهِ، وَعَنْ قُتَيْبَةَ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ بِمِثْلِهِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ (?) : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ قَوْمًا يَعْمَلُونَ لَهُ عَمَلًا يَوْمًا إِلَى اللَّيْلِ عَلَى أَجْرٍ مَعْلُومٍ فَعَمِلُوا إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا فِي أَجْرِكَ الَّذِي شَرَطْتَ لَنَا وَمَا عَمِلْنَا بَاطِلٌ، فَقَالَ لَهُمْ لَا تَفْعَلُوا أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ عَمَلِكُمْ وَخُذُوا أَجْرَكُمْ كَامِلًا، فَأَبَوْا وَتَرَكُوا وَاسْتَأْجَرَ آخَرِينَ بِعْدَهُمْ فَقَالَ أَكْمِلُوا بَقِيَّةَ