أَتْراباً أَيْ فِي الْأَخْلَاقِ الْمُتَوَاخِيَاتُ بَيْنَهُنَّ، لَيْسَ بَيْنَهُنَّ تَبَاغُضٌ وَلَا تَحَاسُدٌ، يَعْنِي لَا كَمَا كن ضَرَائِرَ مُتَعَادِيَاتٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْكَهْفِ عَنِ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ عُرُباً أَتْراباً قَالَا: الْمُسْتَوَيَاتُ الْأَسْنَانِ يَأْتَلِفْنَ جَمِيعًا وَيَلْعَبْنَ جَمِيعًا.

وَقَدْ رَوَى أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَمُجْتَمَعًا لِلْحُورِ الْعِينِ يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق بمثلها- قال- يَقُلْنَ نَحْنُ الْخَالِدَاتُ فَلَا نَبِيدُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْأَسُ وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ طُوبَى لِمَنْ كَانَ لَنَا وَكُنَّا لَهُ» (?) ثُمَّ قَالَ:

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: أخبرنا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا ابن أبي ذئب عن فلان ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ بَعْضِ وَلَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ الْحُورَ الْعِينَ لَيُغَنِّينَ فِي الْجَنَّةِ يَقُلْنَ نَحْنُ خَيِّرَاتٌ حِسَانٌ خُبِّئْنَا لِأَزْوَاجٍ كِرَامٍ» قُلْتُ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ هَذَا هُوَ أَبُو الْمُنْذِرِ الْوَاسِطِيُّ أَحَدُ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ. وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الْإِمَامُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمُلَقَّبُ بِدُحَيْمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَوْنِ بْنِ الْخَطَّابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ عَنِ ابْنٍ لَأَنَسٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْحُورَ الْعِينَ يُغَنِّينَ فِي الجنة نحن الحور الحسان خلقنا لأزواج كرام» وقوله تعالى: لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أي خلقن لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ أَوِ ادُّخِرْنَ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ أَوْ زُوِّجْنَ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً عُرُباً أَتْراباً لِأَصْحابِ الْيَمِينِ فَتَقْدِيرُهُ أَنْشَأْنَاهُنَّ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ، وَهَذَا توجيه ابن جرير.

وروي عن أبي سليمان الداراني رحمه الله تعالى قَالَ: صَلَّيْتُ لَيْلَةً ثُمَّ جَلَسْتُ أَدْعُو وَكَانَ الْبَرْدُ شَدِيدًا فَجَعَلْتُ أَدْعُو بِيَدٍ وَاحِدَةٍ، فَأَخَذَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ فَرَأَيْتُ حَوْرَاءَ لَمْ يُرَ مِثْلُهَا وَهِيَ تَقُولُ: يَا أَبَا سُلَيْمَانَ أَتَدْعُو بِيَدٍ واحدة وأنا أغذى لك في النعيم منذ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ.

قُلْتُ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: لِأَصْحابِ الْيَمِينِ مُتَعَلِّقًا بِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَتْراباً لِأَصْحابِ الْيَمِينِ أَيْ فِي أَسْنَانِهِمْ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى ضَوْءِ أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ وَلَا يَتَمَخَّطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمُ الْأَلُوَّةُ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ العين، أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015