الْأَبْرَارُ، كَمَا قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَصْحَابُ اليمين منزلتهم دُونَ الْمُقَرَّبِينَ فَقَالَ وَأَصْحابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحابُ الْيَمِينِ أَيْ أَيُّ شَيْءٍ أَصْحَابُ الْيَمِينِ وَمَا حَالُهُمْ وَكَيْفَ مَآلُهُمْ. ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ فَقَالَ تعالى: فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَأَبُو الْأَحْوَصِ وَقُسَامَةُ بْنُ زُهَيْرٍ وَالسَّفَرُ بْنُ نُسَيْرٍ، وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ وَالسُّدِّيُّ وأبو حزرة وَغَيْرُهُمْ: هُوَ الَّذِي لَا شَوْكَ فِيهِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ الْمُوَقَرُ بِالثَّمَرِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ عِكْرِمَةَ وَمُجَاهِدٍ، وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ أَيْضًا: كُنَّا نُحَدِّثُ أَنَّهُ الْمُوقَرُ الَّذِي لَا شَوْكَ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هَذَا وَهَذَا، فَإِنَّ سِدْرَ الدُّنْيَا كَثِيرُ الشَّوْكِ قَلِيلُ الثَّمَرِ، وَفِي الْآخِرَةِ عَلَى عَكْسٍ مِنْ هَذَا لَا شَوْكَ فِيهِ وَفِيهِ الثَّمَرُ الْكَثِيرُ الَّذِي قَدْ أَثْقَلَ أصله.
كما قال الحافظ أبو بكر أحمد بْنُ سَلْمَانَ النَّجَّادُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ هو البغوي، حدثني حمزة بن العباس، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَيَنْفَعُنَا بِالْأَعْرَابِ وَمَسَائِلِهِمْ، قَالَ: أَقْبَلَ أَعْرَابِيٌّ يَوْمًا فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً تُؤْذِي صَاحِبَهَا، فَقَالَ رسول الله: «وَمَا هِيَ؟» قَالَ السِّدْرُ فَإِنَّ لَهُ شَوْكًا مؤذيا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أليس الله تعالى يَقُولُ فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ خَضَدَ اللَّهُ شَوْكَهُ فَجَعَلَ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ ثَمَرَةً، فَإِنَّهَا لَتُنْبِتُ ثَمَرًا تَفَتَّقُ الثَّمَرَةُ مِنْهَا عَنِ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ لَوْنًا مِنْ طَعَامٍ، مَا فِيهَا لَوْنٌ يُشْبِهُ الآخر» .
[طريق آخر] قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ، حدثني يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنِي حَبِيبُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْمَعُكَ تَذْكُرُ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً لَا أَعْلَمَ شَجَرَةً أَكْثَرَ شَوْكًا مِنْهَا، يَعْنِي الطَّلْحَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا ثَمَرَةً مِثْلَ خُصْوَةِ التَّيْسِ الْمَلْبُودِ، فِيهَا سَبْعُونَ لَوْنًا مِنَ الطَّعَامِ لَا يُشْبِهُ لَوْنٌ آخَرَ» وَقَوْلُهُ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ الطَّلْحُ شَجَرٌ عِظَامٌ يَكُونُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ مِنْ شَجَرِ الْعِضَاةِ وَاحِدَتُهُ طَلْحَةٌ، وَهُوَ شَجَرٌ كَثِيرُ الشَّوْكِ، وأنشد ابن جرير لبعض الحداة: [البسيط]
بَشَّرَهَا دَلِيلُهَا وَقَالَا ... غَدًا تَرَيْنَ الطَّلْحَ وَالْجِبَالَا (?)
وَقَالَ مُجَاهِدٌ مَنْضُودٍ أَيْ مُتَرَاكِمُ الثَّمَرِ يُذَكِّرُ بِذَلِكَ قُرَيْشًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْجَبُونَ مِنْ وَجٍّ ظلاله من طلح وسدر وقال السدي: مَنْضُودٍ مصفود. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُشْبِهُ طَلْحَ الدُّنْيَا، وَلَكِنْ لَهُ ثَمَرٌ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَالطَّلْحُ لُغَةٌ فِي الطَّلْعِ قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ هَمْدَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عليا يقول هذا الحرف في