تعالى هو المبايع بواسطة رسوله الله صلى الله عليه وسلم كقوله تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التَّوْبَةِ: 111] .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى الْأَنْبَارِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَكَّارٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَلَّ سَيْفَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ بَايَعَ اللَّهَ» وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْمُغِيرَةِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم في الحجر «والله ليبعثه الله عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يَنْظُرُ بِهِمَا وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ وَيَشْهَدُ عَلَى مَنِ اسْتَلَمَهُ بِالْحَقِّ فمن استلمه فقد بايع الله تعالى» ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ولهذا قال تعالى هَاهُنَا: فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ أَيْ إِنَّمَا يَعُودُ وَبَالُ ذَلِكَ عَلَى النَّاكِثِ وَاللَّهُ غَنِيٌّ عَنْهُ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً أَيْ ثَوَابًا جَزِيلًا. وَهَذِهِ الْبَيْعَةُ هِيَ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ وَكَانَتْ تحت شجرة سمر (?) بالحديبية، وكان الصحابة رضي الله عنهم الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ قيل ألفا وثلاثمائة، وقيل وأربعمائة، وَقِيلَ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَالْأَوْسَطُ أَصَحُّ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ (?) : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سفيان عن عمرو عن جابر رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ (?) مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ بِهِ، وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا يَوْمَئِذٍ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَوَضَعَ يَدَهُ في ذلك الماء فجعل الماء ينبع مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ حَتَّى رَوَوْا كُلُّهُمْ (?) ، وَهَذَا مُخْتَصَرٌ مِنْ سِيَاقٍ آخَرَ حِينَ ذَكَرَ قِصَّةَ عَطَشِهِمْ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُمْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَوَضَعُوهُ فِي بِئْرِ الْحُدَيْبِيَةِ، فَجَاشَتْ (?) بِالْمَاءِ حَتَّى كفتهم فقيل لجابر رضي الله عنه: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: كُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَلَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا (?) ، وَفِي رِوَايَةٍ في الصحيحين عن