صَرْحاً
[الْقَصَصِ: 38] وَلِهَذَا قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ كَانُوا يَكْرَهُونَ الْبِنَاءَ بِالْآجُرِّ وَأَنْ يَجْعَلُوهُ فِي قُبُورِهِمْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَقَوْلُهُ لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ إلخ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو صَالِحٍ أَبْوَابَ السموات وقيل طرق السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَهَذَا مِنْ كُفْرِهِ وَتَمَرُّدِهِ أَنَّهُ كَذَّبَ موسى عليه الصلاة والسلام فِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَرْسَلَهُ إِلَيْهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ أَيْ بِصَنِيعِهِ هَذَا الَّذِي أَرَادَ أَنْ يُوهِمَ بِهِ الرَّعِيَّةَ أَنَّهُ يَعْمَلُ شَيْئًا يَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى تَكْذِيبِ مُوسَى عليه الصلاة والسلام وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ قال ابن عباس ومجاهد يعني إلا في خسار.
وَقالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (38) يَا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (40)
يَقُولُ الْمُؤْمِنُ لِقَوْمِهِ مِمَّنْ تَمَرَّدَ وَطَغَى وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَنَسِيَ الْجَبَّارَ الْأَعْلَى فَقَالَ لَهُمْ:
يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ لَا كَمَا كَذَبَ فِرْعَوْنُ فِي قَوْلِهِ: وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ ثُمَّ زَهَّدَهُمْ في الدنيا التي قد آثروها على الآخرة وصدتهم عن التصديق برسول الله موسى عليه الصلاة والسلام فَقَالَ: يَا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ أَيْ قَلِيلَةٌ زَائِلَةٌ فَانِيَةٌ عَنْ قَرِيبٍ تذهب وَتَضْمَحِلُّ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ أَيِ الدَّارُ الَّتِي لَا زَوَالَ لَهَا وَلَا انْتِقَالَ مِنْهَا وَلَا ظَعْنَ عَنْهَا إِلَى غَيْرِهَا بَلْ إما نعيم وإما جحيم ولهذا قال جلت عظمته: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها أَيْ وَاحِدَةً مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ أَيْ لَا يتقدر بجزاء بل يثيبه الله عز وجل ثَوَابًا كَثِيرًا لَا انْقِضَاءَ لَهُ وَلَا نَفَادَ والله تعالى الموفق للصواب.
[سورة غافر (40) : الآيات 41 الى 46]
وَيا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ (44) فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ (45)
النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ (46)
يَقُولُ لَهُمُ الْمُؤْمِنُ مَا بَالِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَهِيَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَتَصْدِيقُ رسوله الله الَّذِي بَعَثَهُ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ أَيْ جَهْلٌ بِلَا دَلِيلٍ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ أَيْ هُوَ فِي عِزَّتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ يَغْفِرُ ذَنْبَ مَنْ تَابَ